قال عليّ: ولكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فنقره أو ضرب وجهه، ثم أقبل على عليّ فتنازلا وتجاولا فقتله عليّ، وخرجت خيله مهزومة حتى اقتحمت من الخندق هاربة، وقتل مع عمرو رجلان منبه بن عثمان أصابه سهم فمات بمكة، ونوفل بن عبد الله المخزومي وكان اقتحم الخندق فتورط فيه فرموه بالحجارة فقال: يا معشر العرب قتلة أحسن من هذه، فنزل إليه عليّ رضي الله تعالى عنه فقتله فغلب المسلمون على جسده فسألوا رسول الله ﷺ أن يبيعهم جسده فقال رسول الله ﷺ لا حاجة لنا في جسده وثمنه فشأنكم به فخلى بينهم وبينه.
ولما نشأ عن هذا تقلب القلوب وتجدد ذهاب الأفكار كل مذهب، عبر بالمضارع الدال على دوام التجدد بقوله تعالى: ﴿وتظنون بالله﴾ الذي له صفات الكمال ﴿الظنوناً﴾ أي: أنواع الظن، فظن المخلصون الثُّبت القلوب أن الله تعالى منجز وعده في إعلاء دينه، أو ممتحنهم، فخافوا الزلل، وروي أن المسلمين قالوا: بلغت القلوب الحناجر فهل من شيء نقوله؟ فقال ﷺ «قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا» وأما الضعاف القلوب والمنافقون فقالوا: ما حكى الله عنهم فيما سيأتي، وقرأ نافع وابن عامر الظنونا هنا والرسولا والسبيلا في آخر السورة بإثبات الألف في الثلاثة وقفاً ووصولاً، وأبو عمرو وحمزة بحذف الألف وقفاً ووصلا قال الزمخشري: وهو القياس والباقون بالألف في الوقف دون الوصل زادوها في الفاصلة كما زادوها في القافية قال:
*أقلي اللوم عاذل والعتابا*
ورسم الثلاثة بالألف ولما كانت الشدة في الحقيقة إنما هي للثابت لأنه ما عنده إلا الهلاك أو النصرة قال تعالى:
(٨/١٢)
---