تنبيه: الأسوة اسم وضع موضع المصدر وهو الائتساء، فالأسوة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء وائتسى فلان بفلان أي: اقتدى به، وقرأ عاصم بضم الهمزة والباقون بكسرها وهما لغتان: كالعُدوة والعِدوة، والقُدوة والقِدوة وقوله تعالى: ﴿لمن كان﴾ أي: كوناً كائنه جبلة له ﴿يرجو الله﴾ أي: في جبلته أنه يجدد الرجاء مشمراً للذي لا عظيم في الحقيقة سواه، فيؤمل إسعاده ويخشى إبعاده. تخصيص بعد التعميم للمؤمنين أي: أن الأسوة برسول الله ﷺ لمن كان يرجو الله. قال ابن عباس: يرجو ثواب الله، وقال مقاتل: يخشى الله ﴿واليوم الآخر﴾ أي: يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال ﴿وذكر الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال وقيده بقوله تعالى: ﴿كثيراً﴾ تحقيقاً لما ذكر في معنى الرجاء الذي به الفلاح أو أن المراد به الدائم في حال السراء والضراء.
ولما بين تعالى حال المنافقين ذكر حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب بقوله تعالى:
﴿ولما رأى المؤمنون﴾ أي: الكاملون في الإيمان ﴿الأحزاب﴾ أي: الذين أدهشت رؤيتهم القلوب ﴿قالوا﴾ أي: مع ما حصل لهم من الزلزال وتعاظم الأهوال ﴿هذا﴾ أي: الذي نراه من الهول ﴿ما وعدنا الله﴾ أي: الذي له الأمر كله من تصديق دعوانا الإيمان بالبلاء والامتحان ﴿ورسوله﴾ المبلغ بنحو قوله تعالى: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم﴾ (البقرة: ٢١٤)
﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ (آل عمران: ١٤٢)
﴿أحسب الناس أن يتركوا﴾ (العنكبوت: ٢)
(٨/٢٨)
---