أي: المذكورين سابقاً وغيرهم ﴿رجال﴾ أي: في غاية العظمة عندنا ثم وصفهم بقوله تعالى: ﴿صدقوا ما عاهدوا الله﴾ المحيط علماً وقدرة ﴿عليه﴾ أي: أقاموا بما عاهدوا الله عليه ووفوا به ﴿فمنهم من قضى نحبه﴾ أي: نذره بأن قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر. والنحب: النذر استعير للموت لأنه كنذر لازم في رقبة كل حيوان وقيل: النحب الموت أيضاً. قال قتادة: قضى نحبه أي: أجله. وقيل: قضى نحبه أي: بذل جهده في الوفاء بالعهد من قول العرب نحب فلان في سيره يومه وليلته أي: اجتهد، وقيل قضى نحبه قتل يوم بدر أو يوم أُحد.
روي أن أنساً قال: «غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين، ثم تقدم واستقبله سعد بن معاذ فقال: يا أبا عمرو إلى أين فقال: واهاً لريح الجنة أجدها دون أحد، فقاتل حتى قتل. قال أنس بن مالك: فوجدنا في جسده بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم فوجدناه قد قتل، وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه».
(٨/٣١)
---