قالت عائشة: فحضره رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر، فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي، قالت: وكانوا كما قال الله تعالى ﴿رحماء بينهم﴾ (الفتح: ٢٩)
واختلف في تفسير قوله تعالى ﴿وأرضاً﴾ أي: وأورثكم أرضاً ﴿لم تطؤها﴾ فعن مقاتل أنها خيبر وعليه أكثر المفسرين، وعن الحسن فارس والروم، وعن قتادة كما تحدث أنها مكة، وعن عكرمة كل أرض تفتح إلى القيامة، ومن بدع التفسير أنه أراد نساءهم انتهى.
ولما كان ذلك أمراً باهراً سهله بقوله تعالى: ﴿وكان الله﴾ أي: أزلاً وأبداً بما له من صفات الكمال ﴿على كل شيء﴾ هذا وغيره ﴿قديراً﴾ أي: شامل القدرة، روى أبو هريرة أن رسول الله ﷺ كان يقول: «لا إله إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده» ولما أرشد الله تعالى نبيه ﷺ إلى جانب ما يتعلق بجانب التعظيم لله تعالى بقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي اتق الله﴾ ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة، وبدأ بالزوجات فإنهن أولى الناس بالشفقة ولهذا قدمهن في النفقة فقال:
﴿يا أيها النبي قل لأزواجك﴾ أي: نسائك ﴿إن كنتن﴾ أي: كوناً راسخاً ﴿تردن﴾ أي: اختياراً على ﴿الحياة﴾ ووصفها بما يزهد فيها ذوي الهمم، ويذكر من له عقل بالآخرة بقوله تعالى: ﴿الدنيا﴾ أي: ما فيها من السعة والرفاهية والنعمة ﴿وزينتها﴾ أي: المنافية لما أمرني به ربي من الإعراض عنه واحتقاره من أمرها لأنها أبغض خلقه إليه لأنها قاطعة عنه ﴿فتعالين﴾ أصله أن الآمر يكون أعلى من المأمور فيدعوه أن يرفع نفسه إليه، ثم كثر حتى صار معناه أقبل وهو هنا كناية عن الأخبار والإرادة بعلاقة أن المخبر يدنو إلى من يخبره ﴿أمتعكن﴾ أي: بما أحسن به إليكن من متعة الطلاق، وهي واجبة لزوجة لم يجب لها نصف مهر فقط بأن وجب لها جميع المهر، أو كانت مفوضة لم توطأ ولم يفرض لها شيء صحيح.
(٨/٤٠)
---