﴿يا نساء النبي﴾ أي: المختارات له لما بينه وبين الله تعالى مما يظهر شرفه ﴿من يأت منكن بفاحشة﴾ أي: سيئة من قول أو فعل كالنشوز وسوء الخلق واختيار الحياة الدنيا وزينتها على الله تعالى ورسوله ﷺ وغير ذلك، وقال ابن عباس: المراد هنا بالفاحشة: النشوز وسوء الخلق وقيل: هو كقوله تعالى: ﴿لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ (الزمر: ٦٠)
وقرأ ابن كثير وشعبة ﴿مبينة﴾ بفتح الياء التحتية أي: ظاهر فحشها، والباقون بكسرها أي: واضحة ظاهرة في نفسها ﴿يضاعف لها العذاب﴾ أي: بسبب ذلك ﴿ضعفين﴾ أي: ضعفي عذاب غيرهن أي: مثيله وإنما ضوعف عذابهن لأن ما قبح من سائر النساء كان أقبح منهن وأقبح لأن زيادة قبح المعصية تتبع زيادة الفضل والمرتبة، ولذلك كان ذم العقلاء للعاصي العالم أشد منه للعاصي الجاهل لأن المعصية من العالم أقبح، ولذلك جعل حد الحر ضعفي حد العبد، وعوتب الأنبياء بما لم يعاتب به غيرهم، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي بالياء التحتية وألف بعد الضاد وتخفيف العين مفتوحة، العذاب بالرفع، وابن كثير وابن عامر بالنون، ولا ألف بعد الضاد وتشديد العين مكسورة، العذاب بالنصب، وأبو عمرو بالياء وتشديد العين مفتوحة العذاب بالرفع. وقوله تعالى: ﴿وكان ذلك على الله يسيراً﴾ فيه إيذان بأن كونهن نساء للنبي ﷺ ليس بمغن عنهن شيئاً، وكيف يغني عنهن وهو سبب مضاعفة العذاب، فكان داعياً إلى تشديد الأمر عليهن غير صارف عنه.
ولما بين تعالى زيادة عقابهن أتبعه زيادة ثوابهن بقوله تعالى:
(٨/٤٦)
---