ولما كان المعنى بل أنتن أعلى النساء ذكر شرط ذلك بقوله تعالى: ﴿إن اتقيتن﴾ الله تعالى أي: جعلتن بينكن وبين غضب الله تعالى وغضب رسوله ﷺ وقاية، ثم سبب عن هذا النهي قوله تعالى: ﴿فلا تخضعن﴾ أي: إذا تكلمتن بحضرة أجنبي ﴿بالقول﴾ أي: بأن يكون ليناً عذباً رخماً، والخضوع التطامن والتواضع واللين، ثم سبب عن الخضوع قوله تعالى: ﴿فيطمع﴾ أي: في الخيانة ﴿الذي في قلبه مرض﴾ أي: فساد وريبة من فسق ونفاق أو نحو ذلك، وعن زيد بن علي قال: المرض مرضان: مرض زنا، ومرض نفاق، وعن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: ﴿فيطمع الذي في قلبه مرض﴾ قال: الفجور والزنا قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول:
*حافظ للفرج راض بالتقى ** ليس ممن قلبه فيه مرض*
(٨/٤٩)
---
والتعبير بالطمع للدلالة على أن أمنيته لا سبب لها في الحقيقة؛ لأن اللين في كلام النساء خلق لهن لا تكلف فيه، وأريد من نساء النبي ﷺ التكلف للإتيان بهذه بل المرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع.
ولما نهاهن عن الاسترسال مع سجية النساء في رخاوة الصوت أمرهن بضده بقوله تعالى: ﴿وقلن قولاً معروفاً﴾ أي: يعرف أنه بعيد عن محلِّ الطمع من ذكر الله وما تحتجن إليه من الكلام مما يوجب الدين والإسلام بتصريح وبيان من غير خضوع.
ولما أمرهن بالقول وقدمه لعمومه أتبعه الفعل بقوله تعالى: