ولما أمرهن بخصوص ما تقدم لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية، ومن اعتنى بهما حق الاعتناء جرتاه إلى ما وراءهما تمم وجمع في قوله تعالى: ﴿وأطعن الله﴾ أي: الذي له صفات الكمال ﴿ورسوله﴾ أي: الذي لا ينطق عن الهوى فيما أمرا به ونهيا عنه ﴿إنما يريد الله﴾ أي: الذي هو ذو الجلال والإكرام بما أمركن به ونهاكن عنه من الإعراض عن الزينة وما يتبعها والإقبال عليه ﴿ليذهب﴾ أي: لأجل أن يذهب ﴿عنكم الرجس﴾ أي: الإثم الذي نهى الله تعالى عنه النساء قاله مقاتل، وقال ابن عباس: يعني عمل الشيطان وما ليس فيه رضا الرحمن. وقال قتادة: يعني السوء وقال مجاهد: الرجس الشك وقوله تعالى: ﴿أهل البيت﴾ في ناصبه أوجه: أحدها: النداء أي: يا أهل البيت، أو المدح أي: أمدح أهل البيت، أو الاختصاص أي: أخص أهل البيت كما قال ﷺ «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» والاختصاص في المخاطب أقل منه في المتكلم، وسمع: منك الله نرجو الفضل والأكثر إنما هو في المتكلم كقولها:
*نحن بنات طارق نمشي على النمارق*
وقولهم:
*نحن بني ضبة أصحاب الجمل ** الموت أحلى عندنا من العسل*
وقولهم:
*نحن العرب أقرى الناس للضيف*
واختلف في أهل البيت والأولى فيهم ما قال البقاعي: إنهم كل من يكون من إلزام النبي ﷺ من الرجال والنساء والأزواج والإماء والأقارب، وكلما كان الإنسان منهم أقرب وبالنبي ﷺ أخص وألزم كان بالإرادة أحق وأجدر ويؤيده قول البيضاوي، وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما رضي الله تعالى عنهم؛ لما روي أنه عليه الصلاة والسلام خرج ذات غدوة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجلس فجاءت فاطمة فأدخلها فيه، ثم جاء علي فأدخله فيه، ثم جاء الحسن والحسين فأدخلهما فيه، ثم قال: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾ والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون إجماعهم حجة ضعيف.
(٨/٥٣)
---