قال البغوي: وهذا هو الأولى والأليق وإن كان الآخر وهو أنه أخفى محبتها أو نكاحها لو طلقها لا يقدح في حال الأنبياء عليهم السلام؛ لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المأثم؛ لأن الود وميل النفس من طبع البشر، وقوله: ﴿أمسك عليك زوجك واتق الله﴾ أمر بالمعروف وهو خشية الإثم فيه وقوله: ﴿والله أحق أن تخشاه﴾ لم يرد به أنه لم يكن يخشى الله فيما سبق فإنه عليه الصلاة والسلام قال: «أنا أخشاكم لله وأتقاكم له» ولكن المعنى: الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخشى أحداً معه، فأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاً. ولكنه لما ذكر الخشية من الناس ذكر أن الله أحق بالخشية في عموم الأحوال وفي جميع الأشياء انتهى.
وذكر قضاء الوطر ليعلم أن زوجة المتبني تحل بعد الدخول بها إذا طلقت وانقضت عدتها، روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: «لما انقضت عدة زينب قال رسول الله ﷺ لزيد: اذهب فاذكرها علي قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها لأن رسول الله ﷺ ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي فقلت: يا زينب أرسل رسول الله ﷺ يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن.
وجاء رسول الله ﷺ فدخل عليها بغير إذن قال: ولقد رأيتنا أن رسول الله ﷺ أطعمنا الخبز واللحم حتى امتد النهار، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله ﷺ واتبعته، فجعل يتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن: يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري، أنا أخبرته أن القوم خرجوا أو أخبرني قال: فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب»
.
(٨/٦٧)
---


الصفحة التالية
Icon