ولما كان فعل الملائكة منسوباً إليه قال تعالى: ﴿ليخرجكم﴾ أي: ليديم إخراجه إياكم بذلك ﴿من الظلمات﴾ أي: الكفر والمعصية ﴿إلى النور﴾ إلى الإيمان والطاعة، أو ليخرجكم من الجهل الموجب للضلال إلى العلم المثمر للهدى ﴿وكان﴾ أي: أزلاً وأبداً ﴿بالمؤمنين﴾ أي: الذين صار الإيمان وصفاً لهم ﴿رحيماً﴾ أي: بليغ الرحمة بتوفيقهم حيث اعتنى بصلاح أمرهم واستعمل في ذلك ملائكته المقربين فحملهم ذلك على الإخلاص في الطاعات فرفع لهم الدرجات في روضات الجنات.
(٨/٧٦)
---
﴿تحيتهم﴾ أي: المؤمنين ﴿يوم يلقونه﴾ أي: يرون الله تعالى ﴿سلام﴾ أي: يسلم الله تعالى عليهم ويسلمهم من جميع الآفات، وروي عن البراء بن عازب قال: ﴿تحيتهم يوم يلقونه سلام﴾ يعني يلقون ملك الموت فلا يقبض روح مؤمن إلا يسلم عليه، وعن ابن مسعود قال: إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام، وقيل: تسلم عليهم الملائكة وتبشرهم حين يخرجون من قبورهم ﴿وأعد﴾ أي: والحال أنه أعد ﴿لهم﴾ أي: بعد السلامة الدائمة ﴿أجراً كريماً﴾ هو الجنة، وتقدم ذكر الكريم في الرزق، فإن قيل: الإعداد إنما يكون ممن لا يقدر عند الحاجة إلى الشيء عليه، وأما الله تعالى فغير محتاج ولا عاجز، فحيث يلقاه يؤتيه ما يرضى به وزيادة، فما معنى الإعداد من قبل؟ أجيب: بأن الإعداد للإكرام لا للحاجة. قال البيضاوي: ولعل اختلاف النظم لمحافظة الفواصل والمبالغة فيما هو أهم.
﴿يا أيها النبي﴾ أي: الذي نخبره بما لا يطلع عليه غيره ﴿إنا أرسلناك﴾ أي: بعظمتنا إلى سائر خلقنا ﴿شاهداً﴾ أي: عليهم بتصديقهم وتكذيبهم ونجاتهم وضلالتهم، وشاهداً للرسل بالتبليغ، وهو حال مقدرة أو مقارنة لقرب الزمان ﴿ومبشراً﴾ أي: لمن آمن بالجنة ﴿ونذيراً﴾ أي: لمن كذب بالنار.
(٨/٧٨)
---