﴿والذين سعوا﴾ أي: فعلوا فعل الساعي ﴿في آياتنا﴾ أي: القرآن بالإبطال وتزهيد الناس فيها وقوله تعالى: ﴿معجزين﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو بغير ألف بعد العين وتشديد الجيم أي: مبطئين عن الإيمان من أراده، والباقون بألف بعد العين وتخفيف الجيم وكذا في آخر السورة أي: مسابقين كي يفوتونا ﴿أولئك﴾ الحقيرون عن أن يبلغوا مراداً بمعاجزتهم ﴿لهم عذاب﴾ وأي عذاب ﴿من رجز﴾ أي: سيئ العذاب ﴿أليم﴾ أي: مؤلم وقرأ ابن كثيرة وحفص أليم بالرفع على أنه صفة لعذاب، والباقون بالجر على أنه صفة لرجز قال الرازي: قال هناك لهم رزق كريم ولم يقل بمن التبعيضية فلم يقل لهم نصيب من رزق ولا رزق من جنس كريم، وقال ههنا ﴿لهم عذاب من رجز أليم﴾ بلفظة صالحة للتبعيض وذلك إشارة إلى سعة الرحمة وقلة الغضب وقوله:
﴿ويرى الذين أوتوا العلم﴾ أي: الذي قذفه الله تعالى في قلوبهم سواء كانوا ممن أسلم من العرب أو أهل الكتاب وقيل: مؤمنو أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه وقيل: الصحابة ومن شايعهم فيه وجهان: أحدهما: أنه عطف على ليجزي أي: وليعلم الذين أوتوا العلم. والثاني: أنه مستأنف أخبر عنهم بذلك ﴿الذي أنزل إليك من ربك﴾ أي: المحسن إليك بإنزاله ﴿هو الحق﴾ أي: أنه من عند الله تعالى.
تنبيه: الذي أنزل هو المفعول الأول، وهو ضمير فصل والحق: مفعول ثان لأن الرؤية علمية.
وقوله تعالى ﴿ويهدي إلى صراط﴾ أي: طريق ﴿العزيز الحميد﴾ في فاعله وجهان أظهرهما أنه ضمير الذي أنزل وهو القرآن. والثاني: ضمير اسم الله تعالى وهاتان الصفتان يفيدان الرهبة والرغبة، العزيز: يفيد التخويف والانتقام من المكذب والحميد يفيد الترغيب في الرحمة للمصدق.
(٩/٧)
---