تنبيه: كما قال تعالى عقب قوله سبحانه ﴿أن اعمل سابغات﴾: ﴿اعملوا صالحاً﴾ قال عقب ما تعمله الجن له ﴿اعملوا آل داود شكراً﴾ إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يجعل الإنسان نفسه مستغرقة في هذه الأشياء، وإنما الإكثار من العمل الصالح الذي يكون شكراً، وقوله تعالى ﴿وقليل﴾ خبر مقدم وقوله تعالى ﴿من عبادي﴾ صفة له وقوله تعالى ﴿الشكور﴾ مبتدأ والمعنى: أن العامل بطاعتي المتوفر الدواعي بظاهره وباطنه من قلبه ولسانه ويديه على الشكر بأن يصرف جميع ما أنعم الله تعالى به عليه فيما يرضيه قليل، ومع ذلك لا يوفي حقه لأن توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكراً آخر لا إلى نهاية، ولذلك قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر، وعبر بصيغة فعول إشارة إلى أن من يقع منه مطلق الشكر كثير، وأقل ذلك حال الاضطرار وقيل: المراد من آل داود عليه السلام هو داود نفسه وقيل: داود وسليمان وأهل بيتهما عليهما السلام قال جعفر بن سليمان: سمعت ثابتاً يقول: كان داود عليه السلام نبي الله ﷺ قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تك تأتي ساعة من ساعات الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود عليه السلام قائم يصلي، وقال ﷺ في صلاة النافلة: «أفضل الصلاة صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه» وقال في صوم التطوع: «أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً» وروي عن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول: اللهم اجعلني من القليل فقال عمر: ما هذا الدعاء فقال: إني سمعت الله يقول ﴿وقليل من عبادي الشكور﴾ فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر: كل الناس أعلم من عمر.
ولما كان الموت مكتوباً على كل أحد قال تعالى:
(٩/٢٤)
---