(٩/٤٤)
---
فيقولون كلهم مثل ما يقول جبريل عليه السلام، فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله تعالى» وقال مقاتل والكلبي والسدي: كانت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام خمسمائة وخمسين سنة وقيل: ستمائة سنة لم تسمع الملائكة فيها وحياً، فلما بعث الله تعالى محمداً ﷺ كلم جبريل عليه السلام بالرسالة إلى محمد ﷺ فلما سمعت الملائكة ظنوا أنها الساعة لأن محمداً ﷺ عند أهل السموات من أشراط الساعة، فصعقوا مما سمعوا خوفاً من قيام الساعة، فلما انحدر جبريل عليه السلام جعل يمر بكل سماء فيكشف عنهم فيرفعون رؤوسهم ويقول بعضهم لبعض ﴿ماذا قال ربكم قالوا الحق﴾ يعني الوحي ﴿وهو العلي الكبير﴾ وقال الحسن وابن زيد: حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند نزول الموت إقامة للحجة عليهم قالت لهم الملائكة عليهم السلام: ماذا قال ربكم في الدعاء قالوا: الحق فأقروا به حيث لم ينفعهم الإقرار.
ولما سلب تعالى عن شركائهم أن يملكوا شيئاً من الأكوان، وأثبت جميع الملك له وحده، وأمر نبيه محمداً ﷺ أن يقررهم بما يلزم منه ذلك بقوله تعالى:
﴿قل من يرزقكم من السموات﴾ أي: بالمطر ﴿والأرض﴾ أي: بالنبات، وأفرد الأرض لأنهم لا يعلمون غيرها، ثم أمره تعالى أن يتولى الإجابة بقوله تعالى: ﴿قل الله﴾ أي: إن لم يقولوا رازقنا الله تعالى فقل أنت: إن رازقكم الله وذلك للإشعار بأنهم يقرون به بقلوبهم إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به، لأن الذي تمكن من صدورهم من العناد وحب الشرك قد ألجم أفواههم عن النطق بالحق مع علمهم بصحته؛ ولأنهم إن تفوهوا بأن الله تعالى رازقهم لزمهم أن يقال لهم: فما لكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرون عليه من لا يقدر على الرزق، ألا ترى إلى قوله تعالى ﴿قل من يرزقكم من السماء والأرض﴾ (يونس: ٣١)
﴿أم من يملك السمع والأبصار﴾ (يونس: ٣١)
(٩/٤٥)
---


الصفحة التالية
Icon