﴿قال الذين استكبروا﴾ على طريق الاستئناف ﴿للذين استضعفوا﴾ رداً عليهم وإنكاراً لقولهم إنهم هم الذين صدوهم ﴿أنحن﴾ خاصة ﴿صددناكم﴾ أي: منعناكم ﴿عن الهدى بعد إذ جاءكم﴾ أي: على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام لم نفعل ذلك؛ لأن المانع ينبغي أن يكون أرجح من المقتضى حتى يعمل عمله، والذي جاء به الرسل هو الهدى والذي صدر من المستكبرين لم يكن شيئاً يوجب الامتناع من قبول ما جاؤوا به فلم يصح تعلقكم بالمانع، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الذال عند الجيم، والباقون بالإدغام وأمال الألف بعد الجيم حمزة وابن ذكوان وفتحها الباقون، وكذا الإظهار والإدغام في ﴿إذ تأمروننا﴾ (سبأ: ٢٣)
وإذا وقف حمزة على ﴿جاءكم﴾ سهل الهمزة مع المد والقصر، وله أيضاً إبدالها ألفاً مع المد والقصر ﴿بل كنتم﴾ أي: جبلة وخلقاً ﴿مجرمين﴾ أي: كافرين لاختياركم لأقوالنا وتسويلنا.
فإن قيل: إذ وإذا من الظروف الملازمة للظرفية فلم وقعت إذ مضافاً إليها؟
أجيب: بأنه قد اتسع في الزمان ما لم يتسع في غيره فأضيف إليها الزمان كما أضيف إلى الجمل في قولك: جئتك بعد إذ جاء زيد وحينئذٍ ويومئذٍ.
ولما أنكر المستكبرون بقولهم: ﴿أنحن صددناكم﴾ أن يكونوا هم السبب في كفر المستضعفين واثبتوا بقولهم ﴿بل كنتم مجرمين﴾ أن ذلك بكسبهم واختيارهم كر عليهم المستضعفون كما قال تعالى:
(٩/٥٣)
---