﴿وقالوا﴾ أي: المترفون أيضاً متفاخرين ﴿نحن أكثر أموالاً وأولاداً﴾ أي: في هذه الدنيا ولو لم يرض منا ما نحن عليه ما رزقنا ذلك، فاعتقدوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم فعلى قياسهم ذلك قالوا: ﴿وما نحن بمعذبين﴾ أي: إن الله تعالى قد أحسن إلينا في الدنيا بالمال والولد فلا يعذبنا في الآخرة، ثم إن الله سبحانه وتعالى بين خطاهم بقوله تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿قل﴾ أي: لهم ﴿إن ربي﴾ أي: المحسن إلي بالإنعام بالسعادة الباقية ﴿يبسط الرزق﴾ أي: يوسعه في كل وقت أراده بالأموال والأولاد وغيرها ﴿لمن يشاء﴾ امتحاناً ﴿ويقدر﴾ أي: يضيقه على من يشاء ابتلاء بدليل مقابلته بيبسط وهذا هو الطباق البديعي، فالرزق في الدنيا لا تدل سعته على رضا الله تعالى ولا ضيقه على سخطه فربما وسع على العاصي وضيق على المطيع، ، وربما عكس وربما وسع عليهما وضيق عليهما، وكم من موسر شقي وكم من معسر تقي ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي: كفار مكة ﴿لا يعلمون﴾ أي: ليس لهم علم فيتدبروا به ما ذكرنا من الأمر فيعلمون أنه ليس كل موسع عليه في دنياه سعيداً في عقباه ولا كل مضيق عليه في دنياه شقياً.
ثم بين تعالى فساد استدلالهم بقوله سبحانه وتعالى:
﴿وما أموالكم﴾ أي: أيها الخلق الذي أنتم من جملتهم وإن كثرت، وكرر النافي تصريحاً بإبطال كل على حياله فقال ﴿ولا أولادكم﴾ كذلك ﴿بالتي﴾ أي: بالأموال والأولاد التي ﴿تقر بكم عندنا﴾ أي: على مالنا من العظمة ﴿زلفى﴾ أي: درجة علية وقربة مكينة.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿بالتي تقربكم﴾ (سبأ: ٣٧)
(٩/٥٦)
---