وهي ختام السور المفتتحة باسم الحمد التي فصلت فيها النعم الأربع التي هي أمهات النعم المجموعة في الفاتحة وهي: الإيجاد الأول، ثم الإبقاء الأول، ثم الإيجاد الثاني المشار إليه بسورة سبأ، ثم الإبقاء الثاني الذي هو أنهاها وأحكمها وهو الختام المشار إليه بهذه السورة المفتتحة بالابتداء الدال عليه بإنهاء القدرة وأحكمها المفصل أمره فيها في فريقي السعادة والشقاوة تفصيلاً شافياً على أنه استوفى في هذه السورة النعم الأربع كما يأتي بيانه في محله.
﴿بسم الله﴾ الذي أحاطت دائرة قدرته بالممكنات ﴿الرحمن﴾ الذي عم الخلق بعموم الرحمة ﴿الرحيم﴾ الذي شرف أهل الكرامة بدوام المراقبة.
ولما أثبت سبحانه في التي قبلها الحشر الذي هو الإيجاد الثاني، وكان الحمد يكون بالمنع والإعدام كما يكون بالإعطاء والإنعام قال تعالى ما هو نتيجة ذلك:
﴿الحمد﴾ أي: الإحاطة بأوصاف الكمال إعداماً وإيجاداً ﴿لله﴾ أي: وحده.
(٩/٧٤)
---
ولما كان الإيجاد من العدم أدل دليل على ذلك قال تعالى دالاً على استحقاقه للمحامد ﴿فاطر السموات والأرض﴾ أي: خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق قاله ابن عباس، أو شاقهما لنزول الأرواح من السماء وخروج الأجساد من الأرض، وعن مجاهد عن ابن عباس ما كنت أدري ما فاطر السموات والأرض حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها أي: ابتدأتها.
تنبيه: إن جعلت إضافة فاطر محضة كان نعتاً، وإن جعلتها غير محضة كان بدلاً وهو قليل من حيث إنه مشتق.


الصفحة التالية
Icon