تنبيه: العدول في: «سقنا» و«أحيينا» من الغيبة في قوله تعالى ﴿والله الذي أرسل الرياح﴾ إلى ما هو أدخل في الاختصاص وهو التكلم فيهما لما فيهما من مزيد الصنع، والكاف في قوله تعالى ﴿كذلك﴾ في محل رفع أي: مثل إحياء الموات ﴿النشور﴾ للأموات وجه الشبه من وجوه: أولها: أن الأرض الميتة قبلت الحياة كذلك الأعضاء تقبل الحياة. ثانيها: كما أن الريح يجمع السحاب المقطع كذلك تجمع الأعضاء المتفرقة. ثالثها: كما أنا نسوق الريح والسحاب إلى البلد الميت كذلك نسوق الروح إلى الجسد الميت.
فإن قيل: ما الحكمة في اختيار هذه الآية من بين الآيات مع أن الله تعالى له في كل شيء آية تدل على أنه واحد؟ أجيب: بأنه تعالى لما ذكر كونه فاطر السموات والأرض وذكر من الأمور السماوية الأرواح وإرسالها بقوله تعالى: ﴿جاعل الملائكة رسلاً﴾ (فاطر: ١)
ذكر من الأمور الأرضية الرياح، وروي أنه قيل لرسول الله ﷺ «كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: هل مررت بواد أهلك محلاً ثم مررت به يهتز؟ فقال: نعم فقال: فكذلك يحيي الله الموتى وتلك آيته في خلقه» وقيل: يحيي الله الخلق بماء يرسله من تحت العرش كمني الرجال تنبت منه أجساد الخلق.
ولما كان الكافرون يتعززون بالأصنام كما قال تعالى ﴿واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً﴾ (مريم: ٨١)
والذين آمنوا بألسنتهم غير مواطئة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال تعالى ﴿الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً﴾ (النساء: ١٣٩)
بين تعالى أن لا عزة إلا لله بقوله سبحانه:
(٩/٨٥)
---