وجمع الظلمات؛ لأنها عبارة عن الكفر والضلال وطرقهما كثيرة متشعبة ووحد النور؛ لأنه عبارة عن التوحيد وهو واحد، فالتفاوت بين كل فرد من أفراد الظلمة وبين هذا الفرد الواحد والمعنى: الظلمات كلها لا يوجد فيها ما يساوي هذا الواحد.
ثم نبه سبحانه بقوله تعالى: ﴿إن الله﴾ أي: القادر على المفاوتة بين هذه الأشياء وعلى كل شيء بما له من الإحاطة من صفات الكمال ﴿يسمع من يشاء﴾ على أن الخشية والقسوة إنما هما بيده تعالى، وإن الإنذار إنما هو لمن قضى بانتفاعه فيتعظ ويجيب ﴿وما أنت﴾ أي: بنفسك من غير إقدار الله تعالى لك ﴿بمسمع﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿من في القبور﴾ أي: الحسية أو المعنوية إسماعاً ينفعهم بل الله يسمعهم إن شاء ﴿فلا تذهب نفسك عليهم حسرات﴾ (فاطر: ٨)
﴿إن﴾ أي: ما ﴿أنت إلا نذير﴾ أي: تنبه القلوب الميتة بقوارع الإنذار ولست بوكيل تقهرهم على الإيمان.
ثم بين تعالى أنه ليس نذيراً من تلقاء نفسه إنما هو بإذن الله تعالى وإرساله بقوله تعالى:
﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿أرسلناك﴾ أي: إلى هذه الأمة ﴿بالحق﴾ أي: الأمر الكامل في الثبات الذي يطابقه الواقع، فإن من نظر إلى كثرة ما أوتيه من الدلائل علم مطابقة الواقع لما يأمر به.
(٩/١٠٢)
---
تنبيه: يجوز في قوله تعالى: ﴿بالحق﴾ أوجه: أحدها: أنه حال من الفاعل أي: أرسلناك محقين، أو من المفعول أي: محقاً، أو نعت لمصدر محذوف أي: إرسالاً متلبساً بالحق ويجوز أن يكون صلة لقوله تعالى ﴿بشيراً﴾ أي: لمن أطاع ﴿ونذيراً﴾ أي: لمن عصى ﴿وإن﴾ أي: وما ﴿من أمة إلا خلا﴾ أي: سلف ﴿فيها نذير﴾ أي: نبي ينذرها.
تنبيه: الأمة: الجماعة الكثيرة قال تعالى ﴿وجد عليه أمة من الناس يسقون﴾ (القصص: ٢٣)