﴿إذ أرسلنا إليهم اثنين﴾ لأنه فعل رسوله عليه السلام ﴿وإذ أرسلنا﴾ إلخ بدل من إذ الأولى، وفي هذا لطيفة وهي أن في القصة أن الرسل كانوا مبعوثين من جهة عيسى عليه السلام أرسلهم إلى أنطاكية فقال تعالى: إرسال عيسى عليه السلام هو إرسالنا ورسول رسول الله بإذن الله رسول الله فلا تفهم يا محمد أن أولئك كانوا رسل الرسول وإنما هو رسل الله تعالى، فتكذيبهم كتكذيبك فتتم التسلية بقوله تعالى: ﴿إذ أرسلنا﴾ ويؤيد هذا مسألة فقهية وهي أن كل وكيل للوكيل بإذن الموكل عند الإطلاق وكيل الموكل لا وكيل الوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل إياه، وينعزل إذا عزله الموكل الأول.
(٩/١٤٢)
---
تنبيه: في بعث الاثنين حكمة بالغة وهي أنهما كانا مبعوثين من جهة عيسى عليه السلام بإذن الله تعالى، فكان عليهما إنهاء الأمر إليه والإتيان بما أمر الله تعالى، والله سبحانه عالم بكل شيء لا يحتاج إلى شاهد يشهد عنده، وأما عيسى عليه السلام فبشر فأمر الله تعالى بإرسال اثنين ليكون قولهما على قومهما عند عيسى عليه السلام حجة ثابتة، وقرأ أبو عمرو بكسر الهاء والميم في الوصل، وحمزة والكسائي بضمهما، والباقون بكسر الهاء وضم الميم وأما الوقف فحمزة بضم الهاء، والباقون بكسرها، والجميع في الوقف بسكون الميم. ﴿فكذبوهما﴾ أي: مع ما لهما من الآيات؛ لأن من المعلوم أنا ما أرسلنا رسولاً إلا كان معه من الآيات ما مثله آمن عليه البشر سواء أكان عنا من غير واسطة، أو كان بواسطة رسولنا كما كان للطفيل بن عمرو الدوسي ذي النورين لما ذهب إلى قومه وسأل النبي ﷺ أن تكون له آية فكانت نوراً في جبهته، ثم سأل أن تكون في غير وجهه فكانت في سوطه.
(٩/١٤٣)
---