﴿وما علينا﴾ أي: وجوباً من قبل من أرسلنا ﴿إلا البلاغ المبين﴾ أي: المؤيد بالأدلة القطعية من الحجج القولية والفعلية بالمعجزات، وهي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الميت وغيرهما فما كان جوابهم بعد هذا إلا أن:
﴿قالوا إنا تطيرنا﴾ أي: تشاءمنا ﴿بكم﴾ وذلك أن المطر حبس عنهم فقالوا: أصابنا هذا بشؤمكم ولاستغرابهم ما ادعوه واستقباحهم له ونفرتهم عنه قالوا: ﴿لئن لم تنتهوا﴾ أي: عن مقالتكم هذه ﴿لنرجمنكم﴾ أي: لنقتلنكم قال قتادة: بالحجارة، وقيل: لنشتمنكم وقيل: لنقتلنكم شر قتلة ﴿وليمسنكم منا﴾ أي: لا من غيرنا ﴿عذاب أليم﴾ كأنهم قالوا: لا نكتفي برجمكم بحجر وحجرين بل نديم ذلك عليكم إلى الموت وهو العذاب الأليم، أو يكون المراد وليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب أليم أي: مؤلم، وإن قلنا: الرجم: الشتم فكأنهم قالوا: ولا يكفينا الشتم بل شتم يؤدي إلى الضرب والإيلام الحسي، وإذا فسرنا أليم بمعنى مؤلم ففعيل بمعنى مفعل قليل، ويحتمل أن يقال: هو من باب قوله تعالى ﴿عيشة راضية﴾ (الحاقة: ٢١)
أي: ذات رضا أي: عذاب ذو ألم فيكون فعيلاً بمعنى فاعل وهو كثير، ثم أجابهم المرسلون بأن:
﴿قالوا طائركم﴾ أي: شؤمكم الذي أحل بكم البلاء ﴿معكم﴾ وهو أعمالكم القبيحة التي منها تكذيبكم وكفركم فأصابكم الشؤم من قبلكم، وقال ابن عباس والضحاك: حظكم من الخير والشر، والهمزة في قوله تعالى ﴿أئن ذكرتم﴾ أي: وعظتم وخوفتم همزة استفهام وجواب الشرط محذوف أي: تطيرتم وكفرتم فهو محل الاستفهام والمراد به التوبيخ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الثانية، وأدخل قالون وأبو عمرو بينهما ألفاً، وورش وابن كثير بغير إدخال، والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال.
(٩/١٤٧)
---