﴿أأتخذ﴾ وهو استفهام بمعنى الإنكار أي: لا أتخذ وبين علو رتبته تعالى بقوله ﴿من دونه﴾ أي: سواه مع دنو المنزلة وبين عجز ما عبدوه بتعدده فقال ﴿آلهة﴾ وفي ذلك لطيفة وهي: أنه لما بين أنه يعبد الذي فطره بين أن من دونه لا تجوز عبادته؛ لأن الكل محتاج مفتقر حادث وقوله ﴿أأتخذ﴾ إشارة إلى أن غيره ليس بإله؛ لأن المتخذ لا يكون إلهاً، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام بتسهيل الثانية بخلاف عن هشام، وأدخل فيهما ألفاً قالون وأبو عمرو وهشام وورش وابن كثير بغير إدخال ألف، والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال وإذا وقف حمزة فله تسهيل الثانية والتحقيق؛ لأنه متوسط بزائد وله أيضاً إبدالها ألفاً.
ثم بين عجز تلك الآلهة بقوله ﴿إن يردن الرحمن﴾ أي: العام النعمة على كل المخلوقين العابد والمعبود ﴿بضر﴾ أي: سوء ومكروه ﴿لا تغن عني شفاعتهم شيئاً﴾ أي: لو فرض أنهم شفعوا ولكن شفاعتهم لا توجد ﴿ولا ينقذون﴾ أي: بالنصر والمظاهرة من ذلك المكروه أو من العذاب لو عذبني الله تعالى إن فعلت ذلك.
فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى هنا: ﴿إن يردن الرحمن﴾ بصيغة المضارع وقال في الزمر: ﴿إن أرادني الله﴾ (الزمر: ٣٨)
بصيغة الماضي وذكر المريد هنا باسم الرحمن وذكر المريد هناك باسم الله؟ أجيب: بأن الماضي والمستقبل مع الشرط يصير الماضي مستقبلاً؛ لأن المذكور هنا من قبل بصيغة الاستقبال في قوله ﴿أأتخذ﴾ وقوله ﴿مالي لا أعبد﴾ والمذكور هناك من قبل بصيغة الماضي في قوله ﴿أفرأيتم﴾ (الزمر: ٣٨)
تنبيه: إن يردن شرط جوابه لا تغن عني إلخ والجملة الشرطية في محل النصب صفة لآلهة.
فائدة: أثبت ورش الياء بعد النون في الوصل دون الوقف، والباقون بغير ياء وقفاً ووصلاً.
﴿إني إذاً﴾ أي: إن عبدت غير الله تعالى ﴿لفي ضلال مبين﴾ أي: خطأ ظاهر، وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء، وسكنها الباقون وهم على مذاهبهم في المد.
(٩/١٥١)
---