ولما كان التمتع لا يكمل إلا مع العلو الممكن من زيادة العلم الموجب لارتياح النفس وبهجة العين بانفساح البصر عند مد النظر قال تعالى ﴿على الأرائك﴾ أي: السرر المزينة العالية التي هي داخل الحجال قال ثعلب لا تكون أريكة حتى تكون عليها حجلة وقال ابن جرير الأرائك الحجال فيها السرر وروى أبو عبيدة في (الفضائل) عن الحسن قال: كنا لا ندري ما الأرائك حتى لقينا رجل من أهل اليمن، فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة فيها السرير وهذا جزاء لما كانوا يلزمون المساجد ويغضون أبصارهم ويضعون نفوسهم لأجلنا ﴿متكئون﴾ كما كانوا يدأبون في الأعمال قائمين بين أيدينا في أغلب الأحوال، والاتكاء الميل على شق مع الاعتماد على ما يريح الاعتماد عليه أو الجلوس مع التمكن على هيئة المتربع وفي هذا إشارة إلى الفراغ وقوله تعالى:
﴿لهم﴾ أي: خاصة بهم ﴿فيها فاكهة﴾ أي: لا تنقطع أبداً ولا مانع لهم من تناولها ولا يتوقف ذلك على غير الإرادة إشارة إلى أن لا جوع هناك؛ لأن التفكه لا يكون لدفع الجوع ﴿ولهم ما يدعون﴾ أي: يتمنون.
تنبيه: في ما هذه ثلاثة أوجه: موصولة اسمية نكرة موصوفه، والعائد على هذين محذوف مصدرية، ويدعون مضارع ادعى افتعل من دعا يدعو أشرب معنى التمني، وقال الزجاج: هو من الدعاء أي: ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم من دعوت غلامي فيكون الافتعال بمعنى: الفعل كالاحتمال بمعنى: الحمل والارتحال بمعنى: الرحل، وقيل: افتعل بمعنى: تفاعل أي: ما يتداعونه كقولهم: ارتموا وتراموا بمعنى واحد، ثم فسر الذي يدعونه أي: يطلبونه بغاية الاشتياق إليه واستأنف الإخبار عنه بقوله تعالى:
(٩/١٧٨)
---


الصفحة التالية
Icon