أي: رسل منكم جاؤكم بالبينات ﴿قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين﴾ (الزمر: ٧١)، وروي عن أبي برزة الأسلمي قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعلمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه». وفي رواية و«عن شبابه فيم أبلاه»، وعن أنس أن رسول الله ﷺ قال: «ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً يوم القيامة لازماً به وإن دعا رجل رجلاً ثم قرأ ﴿وقفوهم إنهم مسؤولون﴾ ويقال لهم توبيخاً:
(٩/٢١٦)
---
﴿ما لكم﴾ أي: أي شيء حاصل لكم شغلكم وألهاكم حال كونكم ﴿لا تناصرون﴾ قال ابن عباس: لا ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا، وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر: نحن جميع منتصر، فقيل لهم يوم القيامة ما لكم لا تناصرون، وقيل: يقال للكفار ما لشركائكم لا يمنعونكم من العذاب ويقال عنهم:
(٩/٢١٧)
---
﴿بل هم اليوم مستسلمون﴾ قال ابن عباس: خاضعون وقال الحسن: منقادون يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم في دفع تلك المضار.
ولما أخبر سبحانه وتعالى عنهم بأنهم سئلوا فلم يجيبوا ربما كان يظن أنهم أخرسوا فنبه على أنهم يتكلمون بما يزيد تكذيبهم فقال عاطفاً على قوله تعالى: ﴿وقالوا يا ويلنا﴾ (الصافات: ٢٠)
﴿وأقبل بعضهم﴾ أي: الذين ظلموا ﴿على بعض﴾ أي: بعد إيقافهم لتوبيخهم وعبر عن خصامهم تهكماً بقوله تعالى: ﴿يتساءلون﴾ أي: يتلاومون ويتخاصمون.
﴿قالوا﴾ أي: الأتباع منهم للمتبوعين ﴿إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين﴾ قال الضحاك: أي: من قبل الدين فتضلوننا عنه، وقال مجاهد: عن الصراط الحق واليمين عبارة الدين الحق كما أخبر الله تعالى عن إبليس لعنه الله تعالى ﴿ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم﴾ (الأعراف: ١٧)