﴿وجعلنا ذريته هم الباقين﴾ يفيد الحصر، وذلك يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته قد فنوا فالناس كلهم من نسله عليه السلام قال ابن عباس رضي الله عنه: ذريته بنوه الثلاثة سام وحام ويافث، فسام أبو العرب وفارس وحام أبو السودان ويافث أبو الترك والخزرج ويأجوج ومأجوج وما هنالك قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما خرج نوح من السفينة مات كل من كان معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءهم.
﴿وتركنا عليه في الآخرين﴾ أي: أبقينا له ثناء حسناً وذكراً جميلاً فيمن بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة، وقيل: أن نصلي عليه إلى يوم القيامة وقوله تعالى:
﴿سلام على نوح﴾ مبتدأ وخبر وفيه أوجه أحدها: أنه مفسر لتركنا، والثاني: أنه مفسر لمفعوله أي: تركنا عليه ثناء وهو هذا الكلام، وقيل: ثم قول مقدر أي: فقلنا سلام وقيل: ضمن تركنا معنى قلنا، وقيل: سلط تركنا على ما بعده ﴿في العالمين﴾ متعلق بالجار والمجرور ومعناه الدعاء بثبوت هذه التحية في الملائكة والثقلين جميعاً وقوله تعالى:
﴿إنا كذلك نجزي المحسنين﴾ تعليل لما فعل بنوح عليه السلام من التكرمة بأنه مجازاة له أي: إنما خصصناه بهذه التشريفات الرفيعة من جعل الدنيا مملوءة من ذريته ومن ترقية ذكره الحسن في ألسنة العالمين لأجل كونه محسناً وقوله تعالى:
﴿إنه من عبادنا المؤمنين﴾ تعليل لإحسانه بالإيمان إظهاراً لجلالة قدره وأصالة أمره.
﴿ثم أغرقنا الآخرين﴾ كفار قومه.
القصة الثانية: قصة إبراهيم عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿وإن من شيعته﴾ أي: ممن شايعه في الإيمان وأصول الشريعة ﴿لإبراهيم﴾ ولا يبعد اتفاق شرعهما في الفروع أو غالباً، وقال الكلبي: الضمير يعود على محمد ﷺ أي: وإن من شيعة محمد ﷺ لإبراهيم عليه الصلاة السلام والشيعة قد تطلق على المتقدم كقول القائل:
*ومالي إلا آل أحمد شيعة ** وما لي إلا مذهب الحق مذهب»*
(٩/٢٣٢)
---