﴿فراغ عليهم﴾ أي: مال عليهم مستخفياً وقوله تعالى ﴿ضرباً﴾ مصدر واقع موقع الحال أي: فراغ عليهم ضارباً أو مصدر لفعل، وذلك الفعل حال تقديره فراغ يضرب ضرباً وقوله تعالى: ﴿باليمن﴾ متعلق بضرباً إن لم نجعله مؤكداً وإلا فبعامله، واليمين يجوز أن يراد بها إحدى اليدين وهو الظاهر، وأن يراد بها القوة واقتصر عليه الجلال المحلي فالباء على هذا للحال أي: متلبساً بالقوة وأن يراد بها الحلف وفاء بقوله ﴿وتالله لأكيدن أصنامكم﴾ (الأنبياء: ٥٧)
والباء على هذا للسبب وعدى راغ الثاني بعلى لما كان مع الضرب المستولي من فوقهم إلى أسفلهم بخلاف الأول فإنه مع توبيخ لهم، وأتى بضمير العقلاء في قوله تعالى: ﴿عليهم ضرباً﴾ على ظن عبدتها أنها كالعقلاء ثم إنه عليه السلام كسرها فبلغ قومه من ورائه ذلك.
﴿فأقبلوا إليه﴾ أي: إلى إبراهيم بعدما رجعوا فرأوا أصنامهم مكسرة ﴿يزفون﴾ أي: يسرعون المشي، وقرأ حمزة بضم الياء على البناء للمفعول من أزفه أي: يحملون على الزفيف، والباقون بفتحها من زف يزف فقالوا: نحن نعبدها وأنت تكسرها.
﴿قال﴾ لهم توبيخاً ﴿أتعبدون ما تنحتون﴾ أي: من الحجارة وغيرها أصناماً.
﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ أي: نحتكم ومنحوتكم فاعبدوه وحده.
تنبيه: دلت هذه الآية على مذهب الأشعرية وهو أن فعل العبد مخلوق لله عز وجل وهو الحق وذلك؛ لأن النحويين اتفقوا على أن لفظ ما مع ما بعده في تقدير المصدر فقوله تعالى ﴿وما تعملون﴾ معناه وعملكم وعلى هذا فيصير معنى الآية: والله خلقكم وخلق عملكم.
ولما أورد عليهم الحجة القوية ولم يقدروا على الجواب عدلوا إلى طريقة الإيذاء لئلا يظهر للعامة عجزهم بأن:
(٩/٢٣٧)
---