(٩/٢٥١)
---
اليسع حتى إذا كانا بالموضع الذي أمر به أقبل فرس من نار، وقيل: لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه إلياس وانطلق به الفرس وناداه اليسع: يا إلياس ما تأمرني؟ فقذف إليه بكسائه من الجو الأعلى فكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل، وكان ذلك آخر عهده به ورفع الله تعالى إلياس من بين أظهرهم وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش، فكان إنسياً ملكياً أرضياً سماوياً، وسلط الله تعالى على لاجب الملك وقومه عدواً لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا به حتى أرهقهم فقتل لاجب وامرأته إزميل في بستان مزدكي فلم تزل جيفتاهما ملقاتين في تلك الجنينة حتى بليت لحومهما ورمت عظامهما، ونبأ الله تعالى اليسع وبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل فأوحى الله تعالى إليه وأيده، فآمنت به بنو إسرائيل وكانوا يعظمونه، وحكم الله تعالى فيهم قائم إلى أن فارقهم اليسع.
روى السري بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: الياس والخضر يصومان رمضان ببيت المقدس ويوافيان موسم الحج في كل عام، وقيل: إن الياس موكل بالفيافي والخضر موكل بالبحار فذلك قوله تعالى ﴿وإن إلياس لمن المرسلين﴾.
﴿إذ﴾ أي: اذكر يا أفضل الخلق إذ ﴿قال لقومه ألا تتقون﴾ أي: ألا تخافون الله.
ولما خوفهم على سبيل الإجمال ذكر ما هو السبب لذلك التخويف بقوله تعالى:
﴿أتدعون بعلاً﴾ اسم لصنم لهم من ذهب وبه سميت البلد أيضاً مضافاً إلى بك أي: أتعبدونه أو تطلبون الخير منه، وقيل: البعل الرب بلغة اليمن سمع ابن عباس رجلاً منهم ينشد ضالة فقال آخر: أنا بعلها فقال: الله أكبر وتلا الآية، ويقال: من بعل هذه الدار أي: من ربها، وسمي الزوج بعلاً لهذا المعنى قال الله تعالى ﴿وبعولتهن أحق بردهن﴾ (البقرة: ٢٢٨)
(٩/٢٥٢)
---