﴿أجعل﴾ أي: صير بسبب ما يزعم أنه يوحى إليه ﴿الآلهة﴾ أي: التي نعبدها ﴿إلهاً واحداً﴾ كيف يسع الخلق كلهم إله واحد ﴿إن هذا﴾ أي: القول بالوحدانية ﴿لشيء عجاب﴾ أي: بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا ونشاهده من أن الواحد لا يفي عمله وقدرته بالأشياء الكثيرة، وقال البغوي: العجب والعجاب واحد كقولهم: رجل كريم وكرام، وكبير وكبار، وطويل وطوال، وعريض وعراض، وسبب قولهم ذلك أنه روى أنه لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش: ـ وهم الصناديد والأشراف وكانوا خمسة وعشرين رجلاً أكبرهم سناً الوليد بن المغيرة ـ اذهبوا إلى أبي طالب، فأتوا إليه وقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إليه فحضر فقال له: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك، فقال رسول الله ﷺ ماذا تسألونني؟ فقالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا، قال: أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أتعطوني أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: لله أبوك نعطيكها وعشر أمثالها، فقال رسول الله ﷺ «قولوا لا إله إلا الله فنفروا من ذلك وقاموا» فقالوا ذلك.
﴿وانطلق الملأ منهم﴾ أي: أشراف قريش من مجلس اجتماعهم عند أبي طالب وسماعهم من النبي ﷺ قولوا لا إله إلا الله ﴿أن امشوا﴾ أي: يقول بعضهم لبعض امشوا أي: اذهبوا ﴿واصبروا﴾ أي: اثبتوا ﴿على آلهتكم﴾ أي: على عبادتها، قال الزمخشري: ويجوز أنهم قالوا: امشوا أي: أكثروا واجتمعوا، من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها، ومنه الماشية للتفاؤل.
فائدة: الجميع يكسرون النون في الوصل من أن امشوا والهمزة في الابتداء من امشوا.
(٩/٢٧٦)
---


الصفحة التالية
Icon