﴿قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه﴾ وهذا جواب قسم محذوف أريد به المبالغة في إنكار فعل خليطه وتهجين طمعه والسؤال مصدر مضاف إلى مفعوله وتعديته إلى مفعول آخر بإلى لتضمنه معنى الإضافة والانضمام أي: ليضمها مضافة إلى نعاجه، فإن قيل: كيف قال: ﴿لقد ظلمك﴾ ولم يكن سمع قول صاحبه؟ أجيب: بأن معناه: إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك أو أنه قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما يقول ولم يذكر الله تعالى ذلك لدلالة الكلام عليه، وقيل: التقدير أن الخصم الذي هذا شأنه قد ظلمك، وقرأ قالون وابن كثير وهشام وعاصم بإظهار الدال عند الظاء والباقون بالإدغام، وقوله: ﴿وإن كثيراً من الخلطاء﴾ أي: مطلقاً منكم ومن غيركم والخلطاء جمع خليط وهم الشركاء الذين خلطوا أموالهم، وقال الليث: خليط الرجل مخالطه ﴿ليبغي﴾ أي: ليعتدي ﴿بعضهم﴾ غالباً ﴿على بعض﴾ فيريدون غير الحق. فإن قيل: لم خص الخلطاء ببغي بعضهم على بعض مع أن غير الخلطاء يفعلون ذلك؟ أجيب: بأن المخالطة توجب كثرة المنازعة والمخاصمة لأنهما إذا اختلطا اطلع كل منهما على أحوال صاحبه فكل ما يملكه من الأشياء النفيسة إذا اطلع عليه عظمت رغبته فيه فيفضي ذلك إلى زيادة المنازعة والمخاصمة، فلذلك خص داود عليه السلام الخلطاء بالبغي والعدوان ثم استثنى فقال: ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا﴾ أي: تحقيقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ أي: الطاعات فإنهم لا يقع منهم شيء لأن مخالطة هؤلاء تكون لأجل الدين وهذا استثناء متصل من قوله: ﴿بعضهم وقليل ما هم﴾ أي: هم قليل فقليل خبر مقدم وما مزيدة للتعظيم وهو مبتدأ، وقال الزمخشري: ما للإبهام وفيه تعجب من قلتهم قال: فإن أردت أن تحقق فائدتها وموقعها فأخرجها من قول امرئ القيس:
*وحديث ما على قصره
(٩/٢٩٠)
---