﴿والذين يؤمنون بما أنزل إليك﴾ أي القرآن بأسره والشريعة عن آخرها، وإنما عبر عنه بلفظ المضيّ وإن كان بعضه مترقباً تغليباً للموجود على ما لم يوجد فيكون مجازاً باعتبار تسمية الكل باسم البعض أو تنزيلاً للمنتظر منزلة الواقع فيكون استعارة باعتبار تشبيه غير المتحقق بالمتحقق، وفي كل من هذين الوجهين جمع بين الحقيقة والمجاز وهو جائز عند الإمام الشافعي رضي الله عنه ﴿وما أنزل من قبلك﴾ أي: التوراة والانجيل وغيرهما من سائر الكتب السابقة على القرآن والإيمان بالإنزالين جملة فرض عين وبالأوّل دون الثاني تفصيلاً من حيث إنا متعبدون بتفاصيله فرض ولكن على الكفاية لأنّ وجوبه على كل أحد يوجب الحرج ويشوش المعاش، وهذه الآية في المؤمنين من أهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وأمثاله.
(١/٣٧)
---
فائدة: الكتب المنزلة مائة وأربعة كتب أنزل على السيد شيث ستون صحيفة وعلى السيد إبراهيم ثلاثون وعلى السيد موسى قبل التوراة عشر فهذه مائة والأربعة الأخرى التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، واختلف القرّاء في مدّ وقصر ما أنزل فقالون والدوري عن أبي عمر يمدّان ويقصران، وابن كثير والسوسي يقصران بلا خلاف وباقي القرّاء وهم ورش وعاصم وحمزة والكسائي يمدُّون بلا خلاف ويتفاوتون في طول المدّ فأطولهم مدّاً ورش وحمزة ودونهما عاصم ودونه ابن عامر والكسائي وهكذا كل مدّ منفصل ﴿وبالآخرة هم يوقنون﴾ أي: يعلمون أنها كائنة لأنّ اليقين هو العلم بالشيء بعد أن كان صاحبه شاكاً فيه قاله الإمام الرازي، ولذلك لا يوصف به العلم القديم ولا العلوم الضرورية فلا يقال تيقن الله كذا ولا تيقنت أنّ الكل أكبر من الجزء.


الصفحة التالية
Icon