﴿أم نجعل﴾ أي: على عظمتنا ﴿الذين آمنوا﴾ أي: امتثالاً لأوامرنا ﴿وعملوا الصالحات﴾ تحقيقاً لإيمانهم ﴿كالمفسدين﴾ أي: المطبوعين على الفساد والراسخين فيه ﴿في الأرض﴾ أي: في السفر وغيره لم نجعلهم مثلهم وأم منقطعة والاستفهام فيها لإنكار التسوية بين الحزبين التي هي من لوازم خلقها باطلاً ليدل على نفيه وكذا التي في قوله تعالى: ﴿أم نجعل المتقين كالفجار﴾ كرر الإنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية، أولاً بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم وقوله تعالى:
﴿كتاب﴾ خبر مبتدأ مضمر أي: هذا كتاب ثم وصفه بقوله تعالى: ﴿أنزلناه﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿إليك﴾ يا أشرف الخلق ﴿مبارك﴾ أي: كثير خيره ونفعه، وقوله تعالى: ﴿ليدبروا﴾ أصله ليتدبروا أدغمت التاء في الدال ﴿آياته﴾ أي: ليتفكروا في أسراره العجيبة ومعانيه اللطيفة فيأتمروا بأوامره ومناهيه فيؤمنوا ﴿وليتذكر﴾ أي: وليتعظ به ﴿أولو الألباب﴾ أي: أصحاب العقول.
القصة الثانية: قصة سليمان عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿ووهبنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿لداود سليمان﴾ ابنه فجاء عديم النظير في ذلك الزمان ديناً ودنيا وعلماً وحكمة وعظمة ورحمة، والمخصوص بالمدح في قوله تعالى: ﴿نعم العبد﴾ محذوف أي: سليمان، وقيل: داود ﴿إنه أواب﴾ أي: رجاع إلى التسبيح والذكر في جميع الأوقات.
﴿إذ﴾ أي: اذكر إذ ﴿عرض عليه﴾ أي: سليمان، وقوله تعالى: ﴿بالعشي﴾ وهو ما بعد الزوال إلى الغروب، وقوله تعالى: ﴿الصافنات﴾ أي: الخيل العربية الخالصة جمع صافنة وفيه خلاف بين أهل اللغة فقال الزجاج: هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه قال وهي علامة الفراهة فيه وأنشد:
*ألف الصفون فلا يزال كأنه ** مما يقوم على الثلاث كسيرا*
(٩/٣٠٠)
---