الآية، فإن قيل: الملائكة لا يجوز أن يقال إنهم اختصموا بسبب قولهم: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ (البقرة: ٣٠)
فالمخاصمة مع الله تعالى كفر؟ أجيب: بأنه لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة علة المجاز فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة، ولما أمر الله تعالى محمداً ﷺ أن يذكر هذا الكلام على سبيل الزجر أمره أن يقول:
(٩/٣٣٢)
---
﴿إن﴾ أي: ما ﴿يوحي إلي إلا أنما﴾ أي: أني ﴿أنا نذير مبين﴾ أي: بين الإنذار فأبين لكم ما تأتونه وما تجتنبونه، وروي أنه ﷺ قال: «رأيت ربي في أحسن صورة، قال ابن عباس رضي الله عنه: أحسبه قال في المنام فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت: أنت أعلم أي رب مرتين، قال: فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي أو قال: في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض، وفي رواية ثم تلا هذه الآية ﴿وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين﴾ (الأنعام: ٧٥)
ثم قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت: نعم في الدرجات والكفارات، قال: وما هن قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء في المكاره، قال: من يفعل ذلك يعيش بخير ويموت بخير وخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه وقال: يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون» قال: ومن الدرجات إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام، وفي رواية: «فقلت: لبيك وسعديك في المرتين وفيهما فعلمت ما بين المشرق والمغرب» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب، وللعلماء في هذا الحديث وأمثاله من أحاديث الصفات مذهبان.