﴿إذ﴾ يجوز أن يكون بدلاً من إذا الأولى كما قاله الزمخشري، وأن يكون منصوباً باذكر كما قاله أبو البقاء أي: واذكر إذ ﴿قال ربك للملائكة إني خالق﴾ أي: جاعل ﴿بشراً من طين﴾ هو آدم عليه السلام، فإن قيل: كيف صح أن يقول لهم إني خالق بشراً وما عرفوا ما البشر ولا عهدوا به قبل؟ أجيب: بأنه قد يكون قال لهم: إني خالق خلقاً من صفته كيت وكيت ولكنه حين حكاه اقتصر على الاسم.
(٩/٣٣٤)
---
﴿فإذا سويته﴾ أي: أتممت خلقه ﴿ونفخت﴾ أي: أجريت ﴿فيه من روحي﴾ فصار حياً حساساً متنفساً وإضافة الروح إليه تعالى إضافة تشريف لآدم عليه السلام والروح جسم لطيف يحيا به الإنسان بنفوذه فيه يسري في بدن الإنسان سريان الضوء في الفضاء وكسريان النار في الفحم والماء في العود الأخضر ﴿فقعوا﴾ أي: خروا ﴿له ساجدين﴾.
﴿فسجد الملائكة﴾ وقوله تعالى: ﴿كلهم أجمعون﴾ فيه تأكيدان، وقال الزمخشري: كل للإحاطة وأجمعون للاجتماع فأفادا معاً أنهم سجدوا عن آخرهم ما بقي منهم ملك إلا أنهم سجدوا جميعاً في وقت واحد غير متفرقين في أوقات، انتهى. فإن قيل: كيف ساغ السجود لغير الله؟ أجيب: بأن الممنوع هو السجود لغير الله تعالى على وجه العبادة فأما على وجه التكرمة والتبجيل فلا يأباه العقل إلا أن يكون فيه مفسدة فينهى الله تعالى عنه والأولى في الجواب أنه سجود تحية بالانحناء كما قاله الجلال المحلي.
﴿إلا إبليس استكبر﴾ أي: تكبر وتعظم عن السجود، فإن قيل: كيف استثنى من الملائكة عليهم السلام إبليس وهو من الجن؟ أجيب: بأنه قد أمر بالسجود معهم فغلبوا عليه في قوله تعالى ﴿فسجد الملائكة﴾ ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلاً وقال الجلال المحلي: هو أبو الجن وكان من الملائكة وعلى هذا فلا سؤال ﴿وكان﴾ أي: وصار ﴿من الكافرين﴾ باستكباره عن أمر الله تعالى أو كان من الكافرين في الأزمنة الماضية في علم الله تعالى.