﴿إلى يوم الوقت المعلوم﴾ أي: وقت النفخة الأولى فيموت فيها فلم يجبه إلى دعائه كما قال تعالى: ﴿وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ (الرعد: ١٤)
ومعنى المعلوم: أنه معلوم عند الله تعالى معين لا يتقدم ولا يتأخر فلما أنظره الله تعالى إلى ذلك الوقت.
﴿قال فبعزتك﴾ أقسم بعزة الله تعالى وهي قهره وسلطانه ﴿لأغوينهم أجمعين﴾ ثم استثنى من ذلك ما ذكره الله بقوله:
﴿إلا عبادك منهم المخلصين﴾ أي: الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته وعصمهم من إضلاله أو أخلصوا قلوبهم على اختلاف القراءتين فإن نافعاً والكوفيين قرؤوا بفتح اللام بعد الخاء والباقون بالكسر.
تنبيه: قيل إن غرض إبليس من هذا الاستثناء أنه لا يقع في كلامه الكذب لأنه لو لم يذكر هذا الاستثناء وادعى أنه يغوي الكل لظهر كذبه حين يعجز عن إغواء عباد الله تعالى المخلصين وعند هذا يقال: إن الكذب شيء يستنكف منه إبليس فليس يليق بالمسلم وهذا يدل على أن إبليس لا يغوي عباد الله تعالى المخلصين، وقد قال تعالى في صفة يوسف عليه السلام ﴿إنه من عبادنا المخلصين﴾ (يوسف: ٢٤)
فتحصل من مجموع الآيتين أن إبليس ما أغوى يوسف عليه السلام وما نسب إليه من القبائح كذب وافتراء.
ولما قال إبليس ذلك:
(٩/٣٣٩)
---
﴿قال﴾ تعالى: ﴿فالحقُ﴾ أي: فبسبب إغوائك وغوايتهم أقول الحق ﴿والحقَ أقول﴾ أي: لا أقول إلا الحق فإن كل شيء قلته ثبت فلم يقدر أحد على نقضه ولا نقصه، وقرأ عاصم وحمزة برفع الأول ونصب الثاني، والباقون بنصبهما فنصب الثاني بالفعل بعده ونصب الأول بالفعل المذكور، أو على الإغراء أي: الزموا الحق، أو على المصدر أي: أحق الحق، أو على نزع حرف القسم ورفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي: فالحق مني أو فالحق قسمي وجواب القسم.