*وقد أتاك يقين غير ذي عوج ** من الإله وقول غير مكذوب*
﴿لعلهم يتقون﴾ أي: الكفر.
تنبيه: وصف تعالى القرآن بثلاث صفات؛ أولها: كونه قرآناً والمراد كونه متلواً في المحاريب إلى قرب قيام الساعة، ثانيها: كونه عربياً أي: أنه أعجز الفصحاء والبلغاء عن معارضته كما قال تعالى: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله﴾ (الإسراء: ٨٨)
ثالثها: كونه غير ذي عوج، قال مجاهد: غير ذي لبس وقال ابن عباس رضي الله عنهما: غير مختلف، وقال السدي: غير مخلوق، ويروى ذلك عن مالك بن أنس، وحكى شقيق وابن عيينة عن سبعين من التابعين: أن القرآن ليس بخالق ولا مخلوق.
ولما شرح الله تعالى وعيد الكفار مثل لما يدل على فساد مذهبهم وقبيح طريقتهم بقوله تعالى:
﴿ضرب الله﴾ أي: الذي له الملك كله ﴿مثلاً﴾ أي: للمشركين والموحدين وقوله تعالى: ﴿رجلاً﴾ بدل من مثلاً وقوله تعالى: ﴿فيه شركاء﴾ يجوز أن تكون الجملة من مبتدأ وخبر في محل نصب صفة ل ﴿رجلاً﴾ ويجوز أن يكون الوصف الجار وحده وشركاء فاعل به قال ابن عادل: وهو أولى لقربه من المفرد وقوله تعالى: ﴿متشاكسون﴾ صفة لشركاء والتشاكس التخالف وأصله سوء الخلق وعسره وهو سبب التخالف أي: متنازعون مختلفون سيئة أخلاقهم يقال: رجل شكس وشرس إذا كان سيء الخلق مخالفاً للناس لا يرضى بالإنصاف ﴿ورجلاً سلماً﴾ أي: خالصاً من نزاع ﴿لرجل﴾ أي: خالصاً له لا شريك له فيه. ولا منازع، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بألف بعد السين وكسر اللام بعدها، والباقون بغير ألف وفتح اللام وهو الذي لا ينازع فيه من قولهم: هو لك سلم أي: مسلم لا منازع لك فيه.
(٩/٣٧٣)
---


الصفحة التالية
Icon