﴿ثم إنكم﴾ فيه تغليب المخاطب على الغائب ﴿يوم القيامة عند ربكم﴾ أي: المربي لكم بالخلق والرزق ﴿تختصمون﴾ فتحتج أنت عليهم بأنك بلغت وكذبوا واجتهدت في الإرشاد والتبليغ فلجوا في التكذيب والعناد ويعتذرون بالأباطيل يقول الأتباع أطعنا سادتنا وكبراءنا وتقول السادات أغوتنا آباؤنا الأقدمون والشياطين، ويجوز أن يكون المراد به الاختصام العام وجرى عليه الجلال المحلي وهو أولى وإن رجح الأولَ الكشافُ، لما روي عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما قال: «لما نزلت هذه الآية قال: يا رسول الله أتكون علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا قال: نعم فقال: إن الأمر إذاً لشديد» وقال ابن عمر: عشنا برهة من الدهر وكنا نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين، قلنا: كيف نختصم وديننا واحد وكتابنا واحد حتى رأينا بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفنا أنها فينا نزلت. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في هذه الآية قال: كنا نقول: ربنا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: هو هذا. وعن إبراهيم النخعي قال: لما نزلت قالت الصحابة كيف نختصم ونحن إخوان فلما قتل عثمان رضي الله عنه قالوا: هذه خصومتنا. وعن أبي العالية: نزلت في أهل القبلة.
(٩/٣٧٦)
---