﴿ولئن سألتهم﴾ أي: من شئت منهم فرادى أو مجموعين واللام لام القسم ﴿من خلق السموات﴾ أي: على ما لها من الاتساع والعظمة والارتفاع ﴿والأرض﴾ أي: على ما لها من العجائب وفيها من الانتفاع ﴿ليقولن الله﴾ أي: وحده لوضوح البرهان على تفرده بالخالقية قال بعض العلماء: العلم بوجود الإله القادر الحكيم الرحيم علم متفق عليه بين جمهور الخلائق لا نزاع بينهم فيه، وفطرة العقل شاهدة بصحة هذا العلم فإن من تأمل في عجائب بدن الإنسان وما فيه من أنواع الحكم الغريبة والمصالح العجيبة علم أنه لا بد من الاعتراف بالإله القادر الحكيم الرحيم، والأصل الثاني: أن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر وهو المراد من قوله تعالى ﴿قل أفرأيتم﴾ أي: بعد ما تحققتم أن خالق العالم هو الله تعالى: ﴿ما تدعون﴾ أي: تعبدون ﴿من دون الله﴾ أي: الذي هو ذو الجلال والإكرام ﴿إن أرادني الله﴾ أي: الذي لا راد لأمره ﴿بضر﴾ أي: بشدة بلاء ﴿هل هن كاشفات ضره﴾ أي: لا نقدر على ذلك ﴿أو أرادني برحمة﴾ أي: بعافية وبركة ﴿هل هن ممسكات رحمته﴾ أي: لا تقدر على ذلك فثبت أنه لا بد من الإقرار بوجود الإله القادر الحكيم الرحيم، قال مقاتل: فسألهم النبي ﷺ عن ذلك فسكتوا، وقرأ أبو عمرو بتنوين التاء من كاشفات وممسكات ونصب الراء من ضره ورفع الهاء ونصب التاء من رحمته والباقون بغير تنوين فيهما وكسر الراء والهاء من ضره والتاء والهاء من رحمته، وإذا كانت هذه الأصنام لا قدرة لها على الخير والشر كانت عبادة الله تعالى كافية والاعتماد عليه كافياً وهو المراد من قوله تعالى: ﴿قل حسبي الله﴾ أي: ثقتي به واعتمادي ﴿عليه يتوكل المتوكلون﴾ أي: يثق الواثقون، فإن قيل: لِمَ قال تعالى: ﴿كاشفات﴾ ﴿وممسكات﴾ على التأنيث بعد قوله تعالى: ﴿ويخوفونك بالذين من دونه﴾ (الزمر: ٣٦)
(٩/٣٨٣)
---


الصفحة التالية
Icon