﴿فإذا مس الإنسان﴾ أي: الجنس ﴿ضر﴾ أي: فقر أو مرض أو غير ذلك ﴿دعانا﴾ أي: في دفع ذلك، فإن قيل: ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء وعطف مثلها في أول السورة بالواو؟ أجيب: بأن السبب في ذلك أن هذه وقعت مسببة عن قوله تعالى: ﴿وإذا ذكر الله وحده اشمأزت﴾ على معنى أنهم يشمئزون عن ذكر الله ويستبشرون بذكر آلهتهم فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره دون من استبشر بذكره فقوله تعالى: ﴿فإذا مس الإنسان﴾ معطوف على قوله تعالى: ﴿وإذا ذكر الله وحده﴾ وما بينهما اعتراض مؤكد لإنكار ذلك عليهم هذا محصل كلام الزمخشري، واعترضه أبو حيان بأن أبا علي يمنع الاعتراض بجملتين فكيف بهذه الجمل الكثيرة ثم قال: والذي يظهر في الربط أنه لما قال ﴿ولو أن للذين ظلموا﴾ (الزمر: ٤٧)
(٩/٣٩٢)
---
الآية وكان ذلك إشعاراً بما ينال الظالمين من شدة العذاب وأنه يظهر لهم يوم القيامة العذاب أتبع ذلك بما يدل على ظلمه وبغيه إذ كان إذا مسه ضر دعا الله تعالى فإذا أحسن إليه لم ينسب ذلك إليه كما قال تعالى: ﴿ثم إذا خولناه﴾ أي: أعطيناه ﴿نعمة منا﴾ أي: تفضلاً فإن التحويل يختص به ﴿قال إنما أوتيته﴾ أي: المنعم به ﴿على علم﴾ أي: على علم من الله تعالى إني له أهل. وقيل: إن كان ذلك سعادة في المال أو عافية في النفس يقول: إنما حصل ذلك بجده واجتهاده وإن كان صحة قال: إنما حصل ذلك بسبب العلاج الفلاني وإن حصل مال يقول: حصل بكسبي وهذا تناقض أيضاً لأنه لما كان عاجزاً محتاجاً أضاف الكل إلى الله تعالى، وفي حال السلامة والصحة قطعه عن الله تعالى وأسنده إلى كسب نفسه وهذا تناقض قبيح ﴿بل هي فتنة﴾ أي: بلية يبتلي بها العبد.