وروى الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ «يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبابرة أين المتكبرون، ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون». وللبخاري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض». قال أبو سليمان الخطابي: ليس فيما يضاف إلى الله عز وجل من وصف اليدين شمال لأن الشمال محل النقص والضعف، وقد ورد كلتا يديه يمين وليس عندنا معنى اليد الجارحة وإنما هي صفة جاء بها التوقيف فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها وننتهي حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة رضي الله تعالى عنهم، وقال سفيان ابن عيينة: كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه انتهى. وقد قدمنا أن السلف يجرون المتشابه على ما هو عليه وأن الخلف يؤولونه والأول أسلم والثاني أحكم.
ولما ذكر تعالى كمال قدرته وعظمته بما سبق ذكره أردفه بذكر طريق آخر يدل أيضاً على كمال العظمة وهو شرح مقدمات يوم القيامة فقال:
(٩/٤١٠)
---
﴿ونفخ في الصور﴾ أي: القرن النفخة الأولى لأن نفخ الصور يكون قبل ذلك اليوم ﴿فصعق﴾ أي: مات ﴿من في السموات ومن في الأرض﴾ واختلف فيمن استثنى الله تعالى بقوله سبحانه: ﴿إلا من شاء الله﴾ فقال الحسن: هو الله وحده وقال ابن عباس: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام، ثم يميت الله تعالى ميكائيل وإسرافيل وجبريل وملك الموت، وقيل: حملة العرش، وقيل: الحور والولدان، وقيل: الشهداء لقوله تعالى: ﴿بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ (آل عمران: ١٦٩)


الصفحة التالية
Icon