﴿وقال الذين في النار﴾ أي: جميعاً الأتباع والمتبوعون ﴿لخزنة جهنم﴾ أي: لخزنتها فوضع جهنم موضع المضمر للتهويل أو لبيان محلهم فيها، قال البيضاوي: ويحتمل أن تكون جهنم أبعد دركاتها من قولهم بئر جهنام أي: بكسر الجيم والهاء وتشديد النون بعيد القعر، وقال بعض أهل اللغة: هي مشتقة من الجهومة وهي الغلظ سميت بذلك: لغلظ عذابها وهي عجمية منعت من الصرف للتعريف والعجمة، وقيل: عربية ومنعت من الصرف للتعريف والتأنيث ﴿ادعوا ربكم﴾ أي: المحسن إليكم بأنكم لا تجدون ألماً من النار ﴿يخفف عنا يوماً﴾ أي: قدر يوم ﴿من العذاب﴾ أي: شيئاً، فيوماً ظرف ليخفف ومفعول يخفف محذوف أي: يخفف عنا شيئاً من العذاب في يوم ويجوز أن يكون من العذاب هو المفعول ليخفف ومن تبعيضية ويوماً ظرفاً، سألوا أن يخفف عنهم بعض العذاب لا كله في يوم ما لا في كل يوم ولا في يوم معين.
(٩/٤٧١)
---
﴿قالوا﴾ أي: الخزنة لهم ﴿أولم تك تأتيكم﴾ على سبيل التجدد شيئاً في أثر شيء ﴿رسلكم﴾ أي: الذين هم منكم وأنتم جديرون بالإصغاء إليهم والإقبال عليهم لأن الجنس إلى الجنس أميل والإنسان من مثله أقبل ﴿بالبينات﴾ أي: التي لا شيء أوضح منها أرادوا بذلك إلزامهم الحجة وتوبيخهم على إضاعتهم أوقات الدعاء وتعطيلهم أسباب الإجابة، وقرأ أبو عمرو بسكون السين والباقون بضمها وكذلك رسلنا ورسلهم ﴿قالوا﴾ أي: الكفار ﴿بلى﴾ أي: أتونا كذلك ﴿قالوا﴾ أي: الخزنة لهم ﴿فادعوا﴾ أي: أنتم فإنا لا نشفع لكافر ﴿وما دعاء الكافرين﴾ أي: الذين ستروا مرأى عقولهم عن أنوار الحق ﴿إلا في ضلال﴾ أي: ذهاب في غير طريق موصل كما كانوا هم في الدنيا كذلك فإن الدنيا مزرعة الآخرة، من زرع شيئاً في الدنيا حصده في الآخرة والآخرة ثمرة الدنيا لا تثمر إلا من جنس ما غرس في الدنيا وفي هذا إقناطهم عن الإجابة.
ولما ذكر تعالى وقاية موسى عليه السلام وذلك المؤمن من مكر فرعون وقومه منّ بقوله تعالى: