﴿وقالوا﴾ أي: الكفار الذين يحشرون إلى النار ﴿لجلودهم﴾ مخاطبين لها مخاطبة العقلاء لما فعلت فعل العقلاء ﴿لم شهدتم علينا﴾ مع أنا كنا نحاجج عنكم ﴿قالوا﴾ مجيبين لهم معتذرين ﴿أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء﴾ أراد نطقه على وجه لم يقدر على التخلف عنه فليس بعجب من قدرة الله الذي له مجامع العز ﴿وهو خلقكم أول مرة﴾ والعلم القطعي حاصل عندكم بأنكم كنتم عدماً ثم نطفاً لا تقبل النطق في مجاري العادات بوجه، ثم طوركم في أدوار الأطوار كذلك إلى أن أوصلكم إلى حيز الإدراك فقسركم على النطق بحيث لو أردتم سلبه عن أنفسكم ما قدرتم ﴿وإليه﴾ لا إلى غيره ﴿ترجعون﴾ فينبئكم بما كنتم تعملون.
تنبيه: اختلف في قوله تعالى: ﴿وهو خلقكم﴾ الآية فقيل: هو من كلام الجلود وقيل: هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه تقريب ما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداءً وعلى إعادتكم بعد الموت أحياءً قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم.
﴿وما كنتم تستترون﴾ أي: عند ارتكابكم الفواحش خفية ﴿أن يشهد عليكم سمعكم﴾ وأكد بتكرير النافي فقال: ﴿ولا أبصاركم﴾ جمع وأفرد لما مضى ﴿ولا جلودكم﴾ والمعنى: أنكم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش وما كان استتاركم ذلك خيفة أن تشهد عليكم جوارحكم لأنكم كنتم غير عالمين بشهادتها عليكم بل كنتم جاحدين بالبعث جهلاً منكم ﴿ولكن﴾ إنما استتاركم لأنكم ﴿ظننتم﴾ بسبب إنكار البعث جهلاً منكم ﴿أن الله﴾ الذي له جميع صفات الكمال ﴿لا يعلم﴾ أي: في وقت من الأوقات ﴿كثيراً مما تعملون﴾ وهو الخفيات من أعمالكم.
(١٠/٣٠)
---