فمعناه أن له الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله ولا يشاركه فيه أحد ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه هو لا غيره ﴿السميع البصير﴾ أي: الكامل في السمع والبصر بكل ما يسمع ويبصر، فإن قيل: هذا يفيد الحصر مع أن العباد أيضاً موصوفون بكونهم سميعين بصيرين؟ أجيب: بأن السمع والبصر لفظان مشعران بحصول هاتين الصفتين على سبيل الكمال كما مر، والكمال في كل الصفات ليس إلا لله تعالى فهذا هو المراد من هذا الحصر.
﴿له﴾ أي: وحده ﴿مقاليد السموات والأرض﴾ أي: خزائنهما ومفاتيح خزائنهما من الإمطار والإنبات وغيرهما، وقد ثبت أنه ابتدعهما وأن له جميع ما فيهما مما اتخذ من دونه ولياً وغيره، قال القشيري: والمفاتيح الخزائن وخزائنه هي مقدوراته ا. ه. ولما حصر الأمر فيه دل عليه بقوله تعالى: ﴿يبسط الرزق﴾ أي: يوسعه ﴿لمن يشاء﴾ امتحاناً ﴿ويقدر﴾ أي: يضيقه لمن يشاء ابتلاء كما وسع على فارس والروم وضيق على العرب، وفاوت في الأفراد بين أفراد من وسع عليهم ومن ضيق عليهم، فدل ذلك قطعاً على أنه لا شريك له وأنه هو المتصرف وحده، فقطع بذلك أفكار الموفقين من عباده عن غيره ليقبلوا عليه ويتفرغوا له فإن عبادته هي المقاليد بالحقيقة: ﴿استغفروا ربكم إنه كان غفاراً﴾ (نوح: ١٠)
الآيات ﴿ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ (الطلاق: ١١)
﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ (الأعراف: ٩٦)
﴿ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم﴾ (المائدة: ٦٥)
الآية، ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿إنه بكل شيء عليم﴾ أي: فلا فعل له إلا وهو جار على أتقن ما يكون من قوانين الحكمة فيفعله على ما ينبغي.
ولما عظم وحيه إلى محمد ﷺ بقوله تعالى: ﴿كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم﴾ ذكر تفصيل ذلك بقوله تعالى:
(١٠/٧٠)
---


الصفحة التالية
Icon