﴿أم﴾ أي: بل ﴿يقولون افترى﴾ أي: محمد ﷺ ﴿على الله﴾ الذي أحاط بصفات الكمال فله العلم الشامل لمن يتقول عليه والقدرة التامة على عقابه ﴿كذباً﴾ حين زعم أن هذا القرآن من عنده وأنه أرسله بهذا الدين ﴿فإن يشأ الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بالكمال ﴿يختم﴾ أي: يربط ﴿على قلبك﴾ بالصبر على أذاهم بهذا القول وغيره وقد فعل، وقال قتادة: يعني يطبع على قلبك فينسيك القرآن وما آتاك فأخبرهم أنه لو افترى على الله كذباً لفعل به ما أخبر عنه في هذه الآية، أي: أنه لا يجترئ على افتراء الكذب إلا من كان في هذه الحالة، والمقصود من هذا الكلام: المبالغة في تقرير الاستبعاد ومثاله: أن ينسب رجل بعض الأمناء إلى الخيانة فيقول الأمين: ذلك لعل الله خذلني أعمى قلبي وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب لنفسه وإنما يريد استبعاد صدور الخيانة منه وقوله تعالى ﴿ويمح الله﴾ أي: الذي له الأمر كله ﴿الباطل﴾ وهو قولهم افترى مستأنف غير داخل في جزاء الشرط لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقاً وسقطت الواو منه لفظاً لالتقاء الساكنين في الدرج وخطا حملاً للخط على اللفظ كما كتبوا سندع الزبانية عليه وأما الحق فإنه ثابت شديد مضاعف فلذا قال: ﴿ويحق﴾ أي: يثبت على وجه لا يمكن زواله ﴿الحق﴾ أي: كل ما من شأنه الثبات لأنه أذن فيه وأقره ﴿بكلماته﴾ أي: التي لو كان البحر مداداً لها لنفذ وقد فعل الله تعالى ذلك فمحا باطلهم وأعلى كلمة الإسلام عليهم ﴿إنه عليم﴾ أي: بالغ العلم ﴿بذات الصدور﴾ أي: ما هو فيها مما يعلمه صاحبها ومما لا يعلمه فيبطل باطله ويثبت حقه وإن كره الخلائق ذلك ولتعلمن نبأه بعد حين، ولقد صدق الله تعالى فأثبت ببركة هذا القرآن كل ما كان يقوله ﷺ وأبطل بسيف هذا البرهان كل ما كانوا يخالفونه فيه ومن أصدق من الله قيلاً، قال ابن عباس: لما نزل ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى﴾ وقع في قلوب قوم منها شيء وقالوا: يريد