﴿ولئن﴾ لام قسم ﴿سألتهم﴾ أي: سألت قومك ﴿من خلق السموات﴾ على علوها وسعتها ﴿والأرض﴾ على كثرة عجائبها وعظمها وقوله تعالى: ﴿ليقولن﴾ حذف منه نون الرفع لتوالي النونات وواو الضمير لالتقاء الساكنين ﴿خلقهن﴾ الذي هو موصوف بأنه ﴿العزيز﴾ أي: الذي لا يغالب ﴿العليم﴾ بما كان وما يكون.
تنبيه: هذا الجواب مطابق للسؤال من حيث المعنى إذ لو جاء على اللفظ لجيء فيه بجملة ابتدائية كالسؤال فكان الجواب هنا الله كما غيره من الآيات، لكنه عدل عنه إلى المطابقة المعنوية مكرراً للفعل تأكيداً لإغراقهم زيادة في توبيخهم وتنبيهاً على عظم غلطهم.
ولما تم الإخبار عنهم ابتدأ الأدلة على نفسه بذكر مصنوعاته فقال تعالى:
(١٠/١٢٥)
---
﴿الذي جعل لكم﴾ ولو كان ذلك قولهم لقالوا لنا: ﴿الأرض مهاداً﴾ أي: فراشاً قارة ثابتة كالمهد للصبي ولو شاء لجعلها مزلة لا ينبت فيها شيء كما ترون من بعض الجبال، فالانتفاع بها إنما حصل لكونها واقفة ساكنة فإنها لو كانت متحركة ما أمكن الانتفاع بها في الزراعة والأبنية وستر عيوب الأحياء والأموات، ولأن المهد موضع راحة الصبي فكانت الأرض مهاداً لكثرة ما فيها من الراحات، وقرأ الكوفيون بفتح الميم وسكون الهاء والباقون بكسر الميم وفتح الهاء وألف بعد الهاء ﴿وجعل لكم فيها سبلاً﴾ أي: طرقاً تسلكونها وذلك أن انتفاع الناس إنما يكمل إذا سعوا في أقطار الأرض فهيأ تعالى تلك السبل ووضع عليها علامات ليحصل الانتفاع ولو شاء لجعلها بحيث لا يسكن في مكان منها كما جعل بعض الجبال كذلك ثم ذكر الغاية في ذلك فقال تعالى: ﴿لعلكم تهتدون﴾ أي: لكي تهتدوا إلى مقاصدكم في الأسفار وغيرها فتتوصلون بها إلى الأقطار الشاسعة والأقاليم الواسعة أو لتهتدوا إلى الحق في الدين.
(١٠/١٢٦)
---