روى أبو ثور عن مَعْمَر عن قَتَادة عن أبي إسحاق أن علياً قال في الآية: خليلان مؤمنان وخليلان كافران فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب إن فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك يأمرني بالخير وينهاني عن الشر ويخبرني أني ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني، فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما فيقول: لِيثنين أحدكم على صاحبه فيقول: نِعم الأخ ونِعم الخليل ونِعم الصاحب، قال: ويموت أحد الكافرينِ فيقول: يا رب إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك فبئس الأخ وبئس الخليل وبئس الصاحب. ثم بين تعالى ما يتلقى به المؤمنين الذين قد توادوا فيه سبحانه تشريفاً لهم وتسكيناً لما يقتضيه ذلك المقام من الأهوال بقوله تعالى:
﴿يا عباد﴾ فأضافهم إلى نفسه إضافة تشريفٍ لأن عادة القرآن جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين المطيعين المتقين، وفيه أنواع كثيرة توجب المدح أولها: أن الحق سبحانه وتعالى خاطبهم بنفسه من غير واسطة وهذا تشريف عظيم بدليل أنه تعالى لما أراد تشريف نبيه محمد ﷺ قال تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده﴾ والثاني قوله: ﴿لا خوف﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿عليكم اليوم﴾ أي: في يوم الآخرة مما يحويه من الأهوال والأمور الشداد والزلزال، وثالثها: قوله تعالى: ﴿ولا أنتم تحزنون﴾ أي: لا يتجدد لكم حزن على شيء فات في وقت من الأوقات الآتية لأنكم لا يفوتكم شيء تسرون به، وقرأ شعبة بفتح الياء في الوصل وسكنها نافع وأبو عمرو وابن عامر وحذفها الباقون وقفاً ووصلاً وقوله تعالى:
(١٠/١٦٦)
---