﴿لا يفتر عنهم﴾ أي: لا يقصد إضعافه بنوع من الضعف فنفي التفتر نفي للفتور من غير عكس، قال البيضاوي: وهو من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلاً والتركيب للضعف ﴿وهم فيه﴾ أي: العذاب ﴿مبلسون﴾ أي: ساكتون سكوت يأس من النجاة والفرج، وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت من نار ثم يقفل عليه فيبقى خالداً لا يرى ولا يرى.
﴿وما ظلمناهم﴾ نوعاً من الظلم ﴿ولكن كانوا﴾ جبلة وطبعاً وعملاً وصنعاً ﴿هم الظالمين﴾ لأنهم بارزوا المنعم عليهم بالعظائم ونووا أنهم لا ينفكون عن ذلك ما بقوا والأعمال بالنيات.
ولما كان مفهوم الإبلاس السكوت بين تعالى أنهم ليسوا ساكتين دائماً بقوله تعالى:
﴿ونادوا﴾ ثم بين أن المنادي خازن النار بقوله تعالى: مؤكداً البعد بأداته ﴿يا مالك ليقض علينا﴾ أي: سل سؤالاً حتماً أن يقضي القضاء الذي لا قضاء مثله وهو الموت على كل واحد منا وجروا على عادتهم في الغباوة والجلافة فقالوا: ﴿ربك﴾ أي: المحسن إليك فلم يروا للَّه تعالى عليهم إحساناً وهم في تلك الحالة ولا شك أن إحسانه ما انقطع عن موجود أصلاً، وأقل ذلك أنه لا يعذب أحداً منهم فوق استحقاقه، ولذلك جعل النار دركات كما جعل الجنة درجات فأجاب مالك عليه السلام بأن ﴿قال﴾ مؤكداً قطعاً لأطماعهم لأن كلامهم هذا هو بحيث يفهم الرجاء وإعلاماً بأن رحمة الله التي موضع الرجاء خاصة بغيرهم ﴿إنّكم ماكثون﴾ أي: دائماً أبداً لا خلاص لكم بموت ولا غيره وليس في القرآن متى أجابهم هل أجابهم في الحال أو بعد مدة لكن.
(١٠/١٧١)
---