(١٠/١٧٢)
---
*لعمري لنعم السيدان وجدتما ** على كل حال من سحيل ومبرم*
﴿أم يحسبون أنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة المقتضية لجميع صفات الكمال ﴿لا نسمع سرهم﴾ أي: كلامهم الخفي ولو كان في الضمائر فيما يغضبنا، والسر ما حدث به الشخص نفسه أو غيره في مكان خال.
ولما كان ربما وقع في الأوهام أن المراد بالسمع إنما هو العلم لأن السر ما يخفى وهو يعلم ما في الضمائر وهي مما يعلم حقق أن المراد به حقيقته بقوله تعالى: ﴿ونجواهم﴾ أي: تناجيهم في كلامهم المرتفع فيما بينهم حتى كأنه على نجوة أي: مكان عال، فعلم أن المراد حقيقة السمع وأنه تعالى يسمع كل ما يمكن أن يسمع ﴿بلى﴾ نسمع الصنفين كليهما على حد سواء ﴿ورسلنا﴾ وهم الحفظة من الملائكة على الجميع السلام على ما لهم من العظمة بنسبتهم إلينا ﴿لديهم﴾ أي: عندهم، وقرأ حمزة بضم الهاء والباقون بكسرها ﴿يكتبون﴾ أي: يجددون الكتابة كل ما تجدد ما يقتضيها لأن الكتابة أوقع في التهديد لأن من علم أن أعماله محصاة مكتوبة يجتنب ما يخاف عاقبته، وعن يحيى بن معاذ الرازي: من ستر عن الناس ذنوبه وأبداها للذي لا يخفى عليه شيء في السموات فقد جعله أهون الناظرين إليه وهو من علامات النفاق.
ولما تقدم أول السورة تبكيتهم والتعجيب منهم في ادعائهم لله ولداً من الملائكة وهددهم بقوله تعالى: ﴿ستكتب شهادتهم ويسألون﴾ أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يقول لهم:
(١٠/١٧٣)
---


الصفحة التالية
Icon