﴿أنى﴾ أي: كيف ومن أين ﴿لهم الذكرى﴾ أي: هذا التذكر العظيم الذي وصفوا به أنفسهم، وقرأ حمزة والكسائي أنى بالإمالة محضة، وقرأ أبو عمرو بالإمالة بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح وأمال الذكرى محضة أبو عمرو وحمزة والكسائي، وأمال ورش بين بين، والباقون بالفتح وكذلك الكبري ﴿وقد﴾ أي: والحال أنه قد ﴿جاءهم﴾ ما هو أعظم من ذلك وأدخل في وجوب الطاعة ﴿رسول مبين﴾ أي: ظاهر غاية الظهور، وموضح غاية الإيضاح، وهو محمد ﷺ وأظهر دال قد نافع وابن ذكوان وعاصم وأدغمها الباقون.
﴿ثم تولوا عنه﴾ أي: أطاعوا ما دعاهم إلى الإدبار عنه من دواعي الهوى ونوازع الشهوات والحظوظ ﴿وقالوا﴾ أي: زيادة على إساءتهم بالتولي ﴿معلم﴾ أي: علمه غيره القرآن من البشر، قال بعضهم: علمه غلام أعجمي لبعض ثقيف، وقال آخرون: إنه ﴿مجنون﴾ أي: يلقي الجن إليه هذه الكلمات حال ما يعرض له الغشي.
﴿إنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿كاشفو العذاب﴾ أي: بدعاء النبي ﷺ فإنه دعا فرفع عنهم القحط ﴿قليلاً﴾ أي: زمناً يسيراً، قيل: إلى يوم بدر، وقيل: ما بقي من أعمارهم ﴿إنكم عائدون﴾ أي: ثابت عودكم عقب كشفنا عنكم إلى الكفران لما في جبلاتكم من العوج وطبائعكم من المبادرة إلى الزلل، فإيمانكم هذا الذي أخبرتم برسوخه عرض زائل وخيال باطل وقوله تعالى:
﴿يوم نبطش﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿البطشة الكبرى﴾ أي: يوم بدر منصوب باذكر أو بدل من يوم تأتي، والبطش: الأخذ بقوة ﴿إنا منتقمون﴾ أي: منهم في ذلك اليوم وهو قول ابن عباس وأكثر العلماء وفي رواية عن ابن عباس: أنه يوم القيامة.
(١٠/١٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon