أي: مشياً ساكناً على هينه قاراً على حاله بحيث يبقى المرتفع من مائه مرتفعاً، والمنخفض منخفضاً كالجدار، وطريقه الذي سرتم به يابساً ذا سير سهل على الحالة التي دخلتم فيها لأن موسى لما جاوز البحر أراد أن يضربه بعصاه فينطبق كما ضربه فانفلق، فأمر أن يتركه ساكناً على هيئته قاراً على حاله ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم، والثاني: أن الرهو الفجوة الواسعة وعن بعض العرب أنه رأى جملاً فالجاً فقال: سبحان الله رهو بين سنامين أي: اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً ﴿إنهم جند مغرقون﴾ أي: متمكنون في هذا الوصف وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي محطه النجدة الموجبة للعلو في الأمور.
ولما أخبر تعالى عن غرقهم أخبر عن متخلفهم بقوله تعالى:
﴿كم تركوا﴾ أي: كثيراً ترك الذين سبق الحكم بإغراقهم فغرقوا ﴿من جنات﴾ أي: بساتين هي في غاية ما يكون من طيب الأرض وكثرة الأشجار وزكاء الثمار والنبات وحسنها الذي يستر الهموم ودل على كرم الأرض بقوله تعالى: ﴿وعيون﴾ ﴿وزروع﴾ أي: ما هو دون الأشجار، وقرأ ابن كثير وابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بكسر العين والباقون بضمها ثم أخبر عن منازلهم بقوله تعالى: ﴿ومقام كريم﴾ أي: مجلس شريف هو أهل لأن يقوم الإنسان فيه لأنه في النهاية فيما يرضيه.
﴿ونعمة﴾ وهي اسم للتنعم بمعنى الترفيه والعيش اللين الرغد ﴿كانوا فيها﴾ أي: دائماً ﴿فاكهين﴾ أي: فعلهم في عيشهم فعل المتفكه المترفه لا فعل من يضطر إلى إقامة نفسه وقوله تعالى:
(١٠/١٩٥)
---