﴿ما خلقناهما﴾ أي: السموات والأرض مع ما بينهما وقوله تعالى: ﴿إلا بالحق﴾ حال إما من الفاعل وهو الظاهر، وإما من المفعول أي: إلا محقين في ذلك يستدل به على وحدانيتنا وقدرتنا وغير ذلك، أو متلبسين بالحق ﴿ولكن أكثرهم﴾ أي: هؤلاء الذين أنت بين أظهرهم وهم يقولون: ﴿إن هي إلا موتتنا الأولى﴾ وكذا من نحا نحوهم ﴿لا يعلمون﴾ أي: إنا خلقنا الخلق بسبب إقامته الحق عليهم فهم لأجل ذلك يجترؤون على المعاصي ويفسدون في الأرض لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً، ولو تذكروا ما ذكرناه في جبلاتهم لعلموا علماً ظاهراً أنه الحق الذي لا معدل عنه، كما يتولى حكامهم المناصب لأجل إظهار الحكم بين رعاياهم ويشترطون الحكم بالحق ويؤكدون على أنفسهم أنهم لا يتجاوزونه.
ولما ذكر الدليل على إثبات البعث والقيامة ذكر عقبه يوم الفصل فقال تعالى:
(١٠/٢٠١)
---
﴿إن يوم الفصل﴾ أي: يوم القيامة يفصل الله تعالى فيه بين العباد، قال الحسن: سمي بذلك؛ لأن الله تعالى يفصل فيه بين أهل الجنة والنار، وقيل: يفصل فيه بين المؤمن وما يكرهه وبين الكافر وما يريده ﴿ميقاتهم﴾ أي: وقت موعدهم الذي ضرب لهم في الأزل وأنزلت فيه الكتب على ألسنة الرسل ﴿أجمعين﴾ لا يتخلف عنه أحد ممن مات من الجن والأنس والملائكة وجميع الحيوانات وقوله تعالى:
(١٠/٢٠٢)
---
﴿يوم لا يغني﴾ أي: بوجه من الوجوه بدل من يوم الفصل، أو منصوب بإضمار أعني، أو صفة لميقاتهم، ولا يجوز أن ينتصب بالفصل نفسه لما يلزم من الفصل بينهما بأجنبي وهو ميقاتهم ﴿مولى﴾ أي: من قرابة أو غيرها ﴿عن مولى﴾ بقرابة أو غيرها أي: لا يدفع عنه ﴿شيئاً﴾ من الأشياء كثر أو قل ﴿ولا هم﴾ أي: القسمان ﴿ينصرون﴾ أي: ليس لهم ناصر يمنعهم من عذاب الله تعالى.