﴿كذلك﴾ يجوز فيه وجهان؛ أحدهما: النصب نعتاً لمصدر أي: نفعل بالمتقين فعلاً كذلك أي: مثل ذلك الفعل، ثانيهما: الرفع على خبر مبتدأ مضمر أي: الأمر كذلك.
ولما كان ذلك لا يتم السرور به إلا بالأزواج قال تعالى: ﴿وزوجناهم﴾ أي: قرناهم كما تقرن الأزواج وليس المراد به العقد لأن فائدة العقد الحل والجنة ليست بدار تكليف من تحليل أو تحريم ﴿بحور﴾ أي: جوار بيض حسان نقيات الثياب ﴿عين﴾ أي: واسعات الأعين قال البيضاوي: واختلف في أنهن نساء الدنيا أو غيرهن.
ولما كان الشخص في الدنيا يخشى كلف النفقات وصف ما هنالك من سعة الخيرات فقال تعالى:
﴿يدعون﴾ أي: يطلبون طلباً هو غاية المسرة ﴿فيها﴾ أي: الجنة أي: يؤتون ﴿بكل فاكهة﴾ أي: لا يمتنع عليهم صنف من الأصناف لبعد مكان ولا فقدان ولا غير ذلك من الشأن، وفي ذلك إيذان بأنه مع سعته ليس فيه شيء لإقامة البنية وإنما هو للتفكه والتلذذ حال كونهم مع ذلك ﴿آمنين﴾ في غاية الأمن من كل مخوف.
(١٠/٢٠٦)
---
﴿لا يذوقون فيها﴾ أي: الجنة ﴿الموت﴾ لأنها دار خلود لا دار فناء وقوله تعالى ﴿إلا الموتة الأولى﴾ فيه أوجه؛ أحدها: أنه استثناء منقطع أي: لكن الموتة الأولى قد ذاقوها، ثانيها: أنه متصل وتأولوه بأن المؤمن عند موته في الدنيا يصير بلطف الله كأنه في الجنة لاتصاله بأسبابها ومشاهدته إياها وما يعطاه من نعيمها فكأنه مات فيها، ثالثها: أن إلا بمعنى سوى أي: سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا كما في قوله تعالى: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف﴾ (النساء: ٢٢)


الصفحة التالية
Icon