﴿واختلاف الليل والنهار﴾ بذهاب أحدهما ووجود الآخر بعد ذهابه على التعاقب آية متكررة للدلالة على القدرة على الإيجاد بعد الإعدام بالبعث وغيره ﴿وما أنزل الله﴾ أي: الذي تمت عظمته فنفذت كلمته ﴿من السماء من رزق﴾ أي: مطر وغيره من الأسباب المهيئة لإخراج الرزق ﴿فأحيا به﴾ أي: بسببه ﴿الأرض﴾ أي: الصالحة للحياة ولذلك قال تعالى ﴿بعد موتها﴾ أي: يبسها وتهشيم ما كان فيها من النبات ﴿وتصريف﴾ أي: تحويل ﴿الرياح﴾ باختلاف جهاتها وأحوالها.
وقرأ حمزة والكسائي بالتوحيد، والباقون بالجمع وقوله تعالى ﴿آيات﴾ فيه القراءتان المتقدمتان، أما الرفع فظاهر وأما الكسر ففيه وجهان؛ أحدهما: أنها معطوفة على اسم إن والخبر قوله ﴿وفي خلقكم﴾ كأنه قيل: وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات، والثاني: أن تكون كررت تأكيداً لآيات الأولى ويكون ﴿في خلقكم﴾ معطوفاً على ﴿في السموات﴾ كرر معه حرف الجر توكيداً، ونظيره أن تقول: إن في بيتك زيداً وفي السوق زيداً فزيداً الثاني تأكيد للأول كأنك قلت: إن زيداً زيداً في بيتك وفي السوق وليس في هذه عطف على معمولي عاملين ألبتة.
ولما كانت هذه الآية أوضح دلالة من بقيتها على البعث قال تعالى فيها ﴿لقوم يعقلون﴾ الدليل فيؤمنون وأبدى بعض المفسرين معنى لطيفاً فقال: إن المنصفين إذا نظروا في السموات والأرض وأنه لا بد لهما من صانع آمنوا وإذا نظروا في خلق أنفسهم ونحوها ازدادوا إيماناً فأيقنوا، فإذا نظروا في سائر الحوادث عقلوا واستحكم علمهم.
ولما ذكر هذه الآيات العظيمات قال تعالى مشيراً إلى علو رتبتها بأداة البعد:
(١٠/٢١٢)
---


الصفحة التالية
Icon